لتعبير الدرامى واشكالية اللغة

لطالما شغلت مسألة اللغة الدرامية العديد من جلسات نقاد المسرح ولطالما سودت المئات من صفحاتهم ، حائرة فيما بين دراساتهم وأعمدة من ركب منهم عامودا في إحدى المجلات أو الجرائد ؛ غير أنها أبدا لم تشغل مبدعا استغرق في نسج بنائه الدرامي شهورا عديدة ، ذلك أن الكاتب المسرحي هو أفضل من يحقق في نصه مجتمع الإشتراكية العليا التي لا أظن أنها تتحقق في الواقع ، فهو يعطي كل شخصية درامية حاجتها من اللغة الكلآمية واللغات غير الكلامية لتعبر عن مشاعرها وإرادتها الذاتية في مواجهاتها للآخر ، مدعومة ببواعثها وعلاقاتها ، دون أدني تدخل منه ، فإذا رأت أن يكون حديثها بالفصحي كان لها ما أرادت فإذا رأت أن تتحدث بلهجة دارجة كان ما أرادت إذا أحست أن الشعر ألنسب لتعبيرها مدها بلغتها الشعرية ، فإذا راق لها الغناء في لحظة من مراحل الزمن في بنية الحدث ، مكنها من الغناء ، فإن كان الرقص يدفع جسدها دفعا لترقص نظم لها إيقاعات التعبير الراقص ، . وقد يتراءى خصية نما أن تفصح في لغتها في موقف درامي ما يلائمه الإفصاح أفصحها ، فلئن كان الموقف الدرامي الذي وجدت فيه نفسها منبسطة ابساط العامة أو متسيبة تسيب الغوغاء من عامة الناس أو من خاصة المجتمع كانت لها تمتمات الغوغاء ، لا يوجد كاتب بحق يضع نصب عينيه أسلوبا سابقا على شروعه في الإبداع ، وشر الأسلوب ما كان محاكيا لنمط أسلوبي محدد ، إنما المبدع يبدع في المسرح وفي غيره ما شاء له بما يقيم وزنا لكل صوت درامي على حده . وهناك أساليب غير شكلية ، يبدعها المبدع شرقا أو غربا ، دون قيود مدرسة فنية معلومة ومرعية ، ومع إنتاجه الإبداعي تتخلق شروط ذلك المنتج الإبداعي ، فإذا كررها من بعده غيره بشكل أو آخر ، وتراكمت منتجات مبدعين حذو حذوه ، تحول خطه الإبداعي إلى تيار ، وتبلورت اسسه ، وسار عليها من سار ونبذها من نبذها ، فلا يلغي أسلوب فني أسلوبا فنيا ، هكذا الفن ، بعامة والفن الدرامي بخاصة.وقد كتبت في(ينج لير أوبرا كليب) إذ رأيت في لير شكسبير صورة تتكرر في بلادنا ، في مصر وفي اليمن وفي تونس وفي العراق قبل الغزو وربما بعده ورأيت ذلك قد أصبح واقعا في سوريا . بلادنا أرث لأبناء حكامنا ، ورأيت أن الفن الرفيع الآن يمر مع في وحل الإنتاج الهابط على يد دخلاء يتخذون من حرفة الإنتاج وسيلة لأغراض أخرى مشبوهة ، وأن الكثير من المخرجين وسماسرة الفن يساعدون على أن يتخذ من حرفة الفن وسيلة لأغراض غير شريفة ، مستخدمين فائض القيمة وعوائد النفط ، العوائد الريعية . . لقد أمددت شخصيات النص بما يجسد لغتها وحركتها بما يجسد جوهر ما تريد وجوهر ما تشعر به محمولا على بواعثها ومحوطا مع علائقها الاجتماعية والسياسيةادية ، دون أن أضع نصب عيني أسلوبا أو أدوات تعبير أو تشكيل سابقة على رحلة كتابتي للنص ، وتركت للنقد أن يقول ما شاء له أن يقول إيجابا أم سلبا ، في تقييمه لما كتبت أو تقويمه له إذا رأي ذلك.