معنى الكوميديا :
وهي اشتقاق من الكلمة اليونانية ( كوميديا ) وتعني الأغنية ذات الطقس الديني والتي كانت تغنى في موكب الإله ( ديونيزوس ) في الحضارة اليونانية . كما أن ارسطو أرجع معنى الكوميديا إلى (كوموس ) ومعناها المأدبة الماجنة والتي تقام في نهاية احتفالات الإله ( ديونيزوس ) كمحاكاة تهكمية . وعبر مسيرة تاريخ المسرح استخدمت كلمة كوميديا بمعاني ثلاث :
1- اسم نوع مسرحي يناقض التراجيديا
2- اعتبرت الكوميديا في القرن السادس عشر هي المسرحية بالعموم
3- أطلق اسم الكوميديا على كل مسرحية تحمل طابع الضحك
لكن الكوميديا كنوع لابد أن تعرَف إلا من خلال معايرها الجمالية , والتي تميزها عن الأشكال المسرحية – ما يسمى بالشعبية – المضحكة , حيث من الضروري أن يحيط هذا النوع المسرحي جماليات تناقض المفهوم المأسوي , وبعيدا عن الهزل والابتذال .
والكوميديا بتعريفها العام والشائع هي مسرحية يقوم الفعل الدرامي فيها على تخطي سلسلة من العقبات والتي لا تحمل خطرا حقيقيا , وتكون الخاتمة فيها سعيدة . كما أنها تهدف إلى التسلية عبر تضخيم الحدث وإعطائه شكلا غير طبيعي , بحيث يستطيع المتفرج النظر إلى هذا التضخم والغير طبيعي بشكل طبيعي وعقلاني بكونه خارج الحدث , وبذلك يشعر المتفرج بتفوقه بكونها – أي الكوميديا – تتطلب منه موقف محاكمة لا خوف ولا شفقة .
وبالتالي فإن التطهير فيها هو نوع من التنفيس واستثارة الوعي لأنها تشكل التصاقا بالواقع اليومي , وجمهور الكوميديا أوسع وأكثر تنوعا من التراجيديا , وهذا له أسبابه العديدة والتي تخضع لظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية , لأن الكوميديا تحاكي الطباع من خلال الفعل الذي تحمله صفة و طبيعة الشخصية .
الكوميديا والمضحك :
من غير السائد لأكثر متابعي الكوميديا عدم معرفتهم بأن الإضحاك ليس شرطا لوجود الكوميديا , كما أن كلمة كوميديا لا تفترض دائما وجود الضحك لأن فهم المضحك تدخل فيه اختصاصات متنوعة مثل الفلسفة والأنتربولوجيا وعلم النفس التحليلي …. الخ .
تاريخ أنواع الكوميديا :
1- الكوميديا الكلاسيكية القديمة :
وهذه الكوميديا كانت نتيجة الاحتفالات الطقوسية والتي أفرزت نصوصا مكتوبة أهمها نصوص اليوناني أرسطو , حيث أفرزت أشكالا شعبية . وهذه النصوص لم تقدم حدثا متماسكا بل كانت مقاطع أو اسكتشات, وخلال تطورها صارت يأخذ بنية ثابتة فأصبحت تتألف من مقدمة أو استهلال , تؤديه شخصية واحدة على شكل مونولوج , أو شخصيتان ثانويتان على شكل حوار , ويلي ذلك الدخول وهو نشيد الجوقة ومن ثم المساجلة أو الآغون .
2- الكوميديا المتوسطة :
وقد ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد , وكانت مواضيعها مستمدة من الأساطير والتي تفرز بالنتيجة درسا أخلاقيا أو دينيا .
3- الكوميديا الجديدة :
وهذه الكوميديا رسخت في 330- 290 ق . م وارتبطت بالكاتب ( ميناندر ) حيث أعطاها شأنا مهما فأدخل على رواياته الكوميدية حكا يا العشق والتي تتشابك في حبكة معقدة مما أعطى للمسرحية آنذاك وحدتها العضوية .
4- الكوميديا الرومانية :
وقد وصلت هذه الكوميديا مع ( بلاوتس ) 254- 184 ق . م و ( تيرانس ) 190 – 159 ق . م . حيث قربوا هذا النوع من المسرح إلى الواقع الروماني وأدخلا عليه عناصر جديدة مثل التنكر والحيل والغناء والرقص مما أعطى للكوميديا طابع الفرجة
5- الكوميديا في القرون الوسطى :
في هذه المرحلة انحسرت الكوميديا تقريبا ولم يبقى سوى أشكالا بسيطة كان يقوم به الممثلون الجوالون , وبعض الكرنفالات وعروض الحماقات , وأعياد المجانين والأخلاقيات , وكل هذا هو أنواع من الفرجة تتم في الساحات العامة والشوارع .
كما أن النصوص المسرحي انحسرت في هذه الفترة باستثناء بعض المتعلمين الذين ساهموا في توسيع شكل الكوميديا في القرن السادس عشر والذين تأثروا بالحركات الإنسانية التي استمدت هذه النصوص من التاريخ , حينها صنفت الكوميديا بالفن الراقي معتمدة على متانة الحبكة واللعب بالألفاظ , كما صنفت باقي الكوميديات بالهابطة والتي تعتمد على الإضحاك البصري القائم على الحركة المبتذلة مستجدية الضحك من المتفرجين .
6- الكوميديا في عصر النهضة :
ظهرت هذه الكوميديات في إيطاليا في القرن السادس عشر واعتبرت الكوميديا في هذه المرحلة بأرقى أنواعها ومن كتاب تلك المرحلة :
( لودوفيكو أريستو ) 1474- 1533 ( أنجيلو روزانيه ) 1502 – 1542 ( نيقولو ماكيافيللي ) 1480 – 1527 .
وكتبت نصوص هؤلاء بلغة رفيعة لأنهم اعتمدوا على الكتاب الذين بحثوا في فن الشعر , فقد اعتمدت نصوصهم على الوحدات الثلاث , ومن ثم ظهرت تأثيرات المسرح الإيطالي والتي وصلت إلى إنجلترا في العصر اليعقوبي مع ( جون فيلتشر ) 1579 – 1635 أما في فرنسا فقد تأخر ظهور الكوميديا بسبب منع العروض المسرحية في فترة الحرب الدينية , ولم تظهر كنوع خاص إلا في القرن السابع عشر مع ( مولير ) 1622 – 1673 , ومن الكتاب الذين أطلقوا على مسرحياتهم تسمية كوميديا ( بيركورني ) 1606 – 1684 و ( جان راسين ) 1639 – 1699 إلا أن الضحك كان غائبا عن كتاباتهم , وهذه الكتابات لم تأخذ من الكوميديا إلا نهايتها السعيدة , والتي ميزتها عن التراجيديا .
7- الكوميديا الكلاسيكية :
وهي ظاهرة فرنسية تبدت سنة 1630 بالتحديد ويرجع سبب ذلك لظهور الأكاديميات , وظهور طبقة النبلاء وكبار البرجوازيين , وتبلورت بشكلها النهائي زمن ظهور ( مولير ) الذي خلق نموذجا خاصا من الكوميديا إذ جمع بين تأثيرات الكلاسيكية الفرنسية والتقاليد الكوميدية الشعبية التي استمدها من المسرح الجوال وأدخلها ووظفها في نصوصه بشكل لم يتقنه من أتوا بعده فكان ذلك سببا بانحدار الكوميديا .
وبعد انقضاء مرحلة مولير تجددت الكوميديا الكلاسيكية بكونها ترتبط بالواقع , فالشخصيات في هذه الكوميديات تنتمي إلى كافة طبقات الناس ففيها الشخصية الشعبية أو البرجوازية وأحيانا شخوصها تكون من النبلاء شرط ألا تطرح المسرحية وضعهم السياسي .
وعرفت هذه الكوميديات بالكلاسيكية بكونها مسرحيات ذات مسار معين فيه توترا دراميا لكن نهاياتها سعيدة , والحدث فيه ذو مظهر معقد لكن تخطيه ممكن , وهذا ما يوص إلى النهايات السعيدة .
8 – أزمة الكوميديا في القرن الثامن عشر :
في هذه المرحلة بدأت التراجيديا والكوميديا تنحسر كأنواع مستقلة وعاد العنصر المأسوي والكوميدي يجتمعان في مسرحية واحدة ففي عام 1760 طرح المنظر الفرنسي ( دونيز ديدرو ) 1713 – 1784 أزمة المسرح ككل ورفض تقسيمها إلى أنواع انطلاقا من أن الإنسان لا يعيش وضعا مأساويا خالصا ولا كوميديا خالصا . لكن هذه الأفكار لم تجد طريقها إلى التطبيق إلا بعد الثورة الفرنسية في القرن التاسع عشر , حيث سادت في القرن الثامن عشر أنواع من التهريج الشعبي التي اعتمدت على الغناء والرقص الماجن .
وبعد الثورة الفرنسية انحسرت الكوميديا نهائيا ضمن شروطها كجنس مسرحي , وانتشرت أنواع هجينة مثل الدراما التي كانت ترمي الاقتراب من الواقع , لكن بقي أنواع شعبية بديلة عن الكوميديا والتراجيديا مثل الفودفيل المضحك والميلودراما الباكية , وفي هذه الفترة أخذ المسرح طابعا ترفيهيا أعطى للعرض المسرحي الأولوية على النص .
وظل الوضع هكذا حتى دخول القرن العشرين فقد صارت تسمية الكوميديا تعني مسرحية مضحكة خفيفة . كما ظهرت أنواع مسرحية تحتوي بعض المواقف المضحكة , هذا ما نجده في عروض الفودفيل , وبعض أنواع الفارس الحديثة .
وقد ظهرت في روسيا الكوميديا الواقعية مع ( نيقولاي غوغول ) 1809 – 1953 وشكلت خطا جديدا تلاه( أنطوان تشيخوف ) 1860 – 1904 ومن مسرحاته الكوميدية النورس – بستان الكرز – الدب .
وفي ثلاثينيات القرن العشرين دخلت العناصر الهزلية على الأنواع المسرحية الجادة , وهذا الهزل الظاهري يعبر عن مأسوية الحياة , كما في مسرح العبث والمسرح السوريالي ومثالا على ذلك مسرحية ( اوبو ملكا ) , كما ظهر ما يسمى بالكوميديا السوداء .
وعلى صعيد الإخراج حاول بعض المخرجين إحياء أشكال الإضحاك الشعبي للتوصل إلى طرح ما هو جاد ضمن قالب هزلي وهذا ما نراه في عروض الروسي ( مايرخولد) 1874 – 1940 والإيطالي داريو فو1926 والفرنسية( أربان موشكين ) .
الكوميديا في المسرح الشرقي :
الكوميديا كتسمية لم تدخل المسرح الشرقي إطلاقا , لكن الإضحاك لم يغب عن المسرح الهندي والمسرح الصيني لكنه أخذ شكل فواصل مضحكة , أو يأتي الإضحاك ضمن سياق نصي أساسه التراجيدي .
الكوميديا في المسرح العربي :
علق ابن سينا 980 – 1037 على كتاب أرسطو فن الشعر وأستخدم اصطلاح ( قوميزيا ) لجهل العرب آنذاك في المسرح وأنواعه أما ابن رشد 1126 – 1198 حيث شرح حول الكوميديا واعتبرها صناعة الهجاء .
ومع دخول المسرح في القرن التاسع عشر استخدمت كلمة ( كوميضة ) للدلالة على المسرح بشكل عام كم استخدمت كلمة ملهاة للكوميديا لأنها تتضمن معنى الترويح عن النفس والتسلية .
ومن رواد المسرح العربي الذين تبنوا الكوميديا :
( مارون النقاش ) 1817 – 1855 و ( يعقوب صنوع ) 1839 – 1912 .
حينها اعتبروا مواضيع الكوميديا التي اقتبسوها من المسرح الغربي أقرب إلى الواقع وأكثر قابلية للتوافق مع الواقع العربي حينها , واستخدموا اللغة الفصيحة المطعمة بالعامية , كما استخدموا اللهجات المحلية الصرفة كوسيلة للإضحاك , نجد ذلك على سبيل المثال في مسرحية البخيل والسليط الحسود للنقاش ومن ثم تطورت الأشكال الكوميدية وظهرت أشكال أقرب إلى الفودفيل والفارس الشعبية مستمدة من شخصيات نمطية كان يؤديها ممثلون معروفون مثل المصري ( نجيب الريحاني ) 1891 – 1949 الذي ابتدع شخصية كشكش بيه والمصري( علي الكسار)1885 – 1951 الذي ابتدع شخصية البربري عثمان وقلده من بعده بنفس الشخصية السوري ( عبد الطيف فتحي ) 1916 – 1986 , كما ابتدع اللبناني ( جورج دخول ) الشخصية الكوميدية الشعبية كامل الأصلي .
وعرف المسرح العربي في أواسط الخمسينيات مسرحيات كوميدية ذات ثمة واقعية هادفة تمتلك أبعادا سياسة , ولهذا أصبح حينها النص ذو قيمة كبيرة على حساب العرض , ومن كتاب هذا النوع الكاتب ( نعمان عاشور ) 1918 – 1987 , ومن هذه المسرحيات حياتنا كده – الناس يلي تحت والناس يلي فوق – عيلة الدغري .
كما كتب المصري( علي سالم ) العفاريت الزرق – الرجل الذي ضحك على الملائكة , وكتب ( الفريد فرج ) عسكر وحرامية – حلاق بغداد .
أما في سبعينيات القرن العشرين أخذت الكوميديا تنتشر كظاهرة مسرحية شعبية ترفه عن المتفرج ضيقه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي , فظهر في مصر فؤاد المهندس كظاهرة فنية شعبية , وفي أواخر السبعينيات ظهر في مصر أيضا ظاهرة كوميدي أكثر رقي من سابقتها أمثال ( محمد صبحي ) و( عادل إمام ) ولكن بدأت الكوميديا تنحدر في مصر وتأخذ طابعا تهرجيا فارغا من المحتوى الإنساني .
وظهر في لبنان بنفس المرحلة السابقة كوميديان في منتهى الرقي وهو ( خضر علاء الدين ) صاحب الشخصية الشهيرة ( شوشو) وبعض الشخصيات الأخرى مثل أبو الفهم , كما أن الكوميديا بدأت تنحدر في لبنان وتكونت بعض الفرق التي روجت إضحاكا أقرب إلى الفرس من الكوميديا مثل فرقة الساعة العاشرة .
أما في سورية فهي شأنها شأن غيرها في المسرح الكوميدي حيث ظهر بعض الكتاب الذين كتبوا الكوميديا الشعبية مثل حكمت محسن والأغواني , ومن ثم ظهر الكوميديان نهاد قلعي كاتبا وممثلا ومن بعده دريد لحام الذي كتب له الشاعر الكبير محمد الماغوط جل مسرحياته التي تتحدث عن الهم العام للبلاد والهم الخاص للمواطن معا , وما إن توفي الفنان نهاد قلعي حتى تراجع هذا النوع من المسرح وحل محله فرق غايتها الإضحاك مثل فرقة محمود جبر والأخوين قنوع تحت تسميات عديدة ذات محتوى واحد هو الضحك للضحك فقط .
ولم يستطع المسرح القومي في سوريا أن يقدم الكوميديا التي من المفترض أن تجعل المتفرج خارج الحدث وتحفزه للمعرفة من خلال همه اليومي كما كان يفعل النجمان دريد ونهاد في شخصيتي غوار الطوشة وحسني البورظان .
وفي النهاية لا بد من القول بأن الكوميديا بمعناها الأكاديمي المعرفي هي من أصعب وأرقى الفنون المسرحية على الإطلاق .
وهي اشتقاق من الكلمة اليونانية ( كوميديا ) وتعني الأغنية ذات الطقس الديني والتي كانت تغنى في موكب الإله ( ديونيزوس ) في الحضارة اليونانية . كما أن ارسطو أرجع معنى الكوميديا إلى (كوموس ) ومعناها المأدبة الماجنة والتي تقام في نهاية احتفالات الإله ( ديونيزوس ) كمحاكاة تهكمية . وعبر مسيرة تاريخ المسرح استخدمت كلمة كوميديا بمعاني ثلاث :
1- اسم نوع مسرحي يناقض التراجيديا
2- اعتبرت الكوميديا في القرن السادس عشر هي المسرحية بالعموم
3- أطلق اسم الكوميديا على كل مسرحية تحمل طابع الضحك
لكن الكوميديا كنوع لابد أن تعرَف إلا من خلال معايرها الجمالية , والتي تميزها عن الأشكال المسرحية – ما يسمى بالشعبية – المضحكة , حيث من الضروري أن يحيط هذا النوع المسرحي جماليات تناقض المفهوم المأسوي , وبعيدا عن الهزل والابتذال .
والكوميديا بتعريفها العام والشائع هي مسرحية يقوم الفعل الدرامي فيها على تخطي سلسلة من العقبات والتي لا تحمل خطرا حقيقيا , وتكون الخاتمة فيها سعيدة . كما أنها تهدف إلى التسلية عبر تضخيم الحدث وإعطائه شكلا غير طبيعي , بحيث يستطيع المتفرج النظر إلى هذا التضخم والغير طبيعي بشكل طبيعي وعقلاني بكونه خارج الحدث , وبذلك يشعر المتفرج بتفوقه بكونها – أي الكوميديا – تتطلب منه موقف محاكمة لا خوف ولا شفقة .
وبالتالي فإن التطهير فيها هو نوع من التنفيس واستثارة الوعي لأنها تشكل التصاقا بالواقع اليومي , وجمهور الكوميديا أوسع وأكثر تنوعا من التراجيديا , وهذا له أسبابه العديدة والتي تخضع لظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية , لأن الكوميديا تحاكي الطباع من خلال الفعل الذي تحمله صفة و طبيعة الشخصية .
الكوميديا والمضحك :
من غير السائد لأكثر متابعي الكوميديا عدم معرفتهم بأن الإضحاك ليس شرطا لوجود الكوميديا , كما أن كلمة كوميديا لا تفترض دائما وجود الضحك لأن فهم المضحك تدخل فيه اختصاصات متنوعة مثل الفلسفة والأنتربولوجيا وعلم النفس التحليلي …. الخ .
تاريخ أنواع الكوميديا :
1- الكوميديا الكلاسيكية القديمة :
وهذه الكوميديا كانت نتيجة الاحتفالات الطقوسية والتي أفرزت نصوصا مكتوبة أهمها نصوص اليوناني أرسطو , حيث أفرزت أشكالا شعبية . وهذه النصوص لم تقدم حدثا متماسكا بل كانت مقاطع أو اسكتشات, وخلال تطورها صارت يأخذ بنية ثابتة فأصبحت تتألف من مقدمة أو استهلال , تؤديه شخصية واحدة على شكل مونولوج , أو شخصيتان ثانويتان على شكل حوار , ويلي ذلك الدخول وهو نشيد الجوقة ومن ثم المساجلة أو الآغون .
2- الكوميديا المتوسطة :
وقد ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد , وكانت مواضيعها مستمدة من الأساطير والتي تفرز بالنتيجة درسا أخلاقيا أو دينيا .
3- الكوميديا الجديدة :
وهذه الكوميديا رسخت في 330- 290 ق . م وارتبطت بالكاتب ( ميناندر ) حيث أعطاها شأنا مهما فأدخل على رواياته الكوميدية حكا يا العشق والتي تتشابك في حبكة معقدة مما أعطى للمسرحية آنذاك وحدتها العضوية .
4- الكوميديا الرومانية :
وقد وصلت هذه الكوميديا مع ( بلاوتس ) 254- 184 ق . م و ( تيرانس ) 190 – 159 ق . م . حيث قربوا هذا النوع من المسرح إلى الواقع الروماني وأدخلا عليه عناصر جديدة مثل التنكر والحيل والغناء والرقص مما أعطى للكوميديا طابع الفرجة
5- الكوميديا في القرون الوسطى :
في هذه المرحلة انحسرت الكوميديا تقريبا ولم يبقى سوى أشكالا بسيطة كان يقوم به الممثلون الجوالون , وبعض الكرنفالات وعروض الحماقات , وأعياد المجانين والأخلاقيات , وكل هذا هو أنواع من الفرجة تتم في الساحات العامة والشوارع .
كما أن النصوص المسرحي انحسرت في هذه الفترة باستثناء بعض المتعلمين الذين ساهموا في توسيع شكل الكوميديا في القرن السادس عشر والذين تأثروا بالحركات الإنسانية التي استمدت هذه النصوص من التاريخ , حينها صنفت الكوميديا بالفن الراقي معتمدة على متانة الحبكة واللعب بالألفاظ , كما صنفت باقي الكوميديات بالهابطة والتي تعتمد على الإضحاك البصري القائم على الحركة المبتذلة مستجدية الضحك من المتفرجين .
6- الكوميديا في عصر النهضة :
ظهرت هذه الكوميديات في إيطاليا في القرن السادس عشر واعتبرت الكوميديا في هذه المرحلة بأرقى أنواعها ومن كتاب تلك المرحلة :
( لودوفيكو أريستو ) 1474- 1533 ( أنجيلو روزانيه ) 1502 – 1542 ( نيقولو ماكيافيللي ) 1480 – 1527 .
وكتبت نصوص هؤلاء بلغة رفيعة لأنهم اعتمدوا على الكتاب الذين بحثوا في فن الشعر , فقد اعتمدت نصوصهم على الوحدات الثلاث , ومن ثم ظهرت تأثيرات المسرح الإيطالي والتي وصلت إلى إنجلترا في العصر اليعقوبي مع ( جون فيلتشر ) 1579 – 1635 أما في فرنسا فقد تأخر ظهور الكوميديا بسبب منع العروض المسرحية في فترة الحرب الدينية , ولم تظهر كنوع خاص إلا في القرن السابع عشر مع ( مولير ) 1622 – 1673 , ومن الكتاب الذين أطلقوا على مسرحياتهم تسمية كوميديا ( بيركورني ) 1606 – 1684 و ( جان راسين ) 1639 – 1699 إلا أن الضحك كان غائبا عن كتاباتهم , وهذه الكتابات لم تأخذ من الكوميديا إلا نهايتها السعيدة , والتي ميزتها عن التراجيديا .
7- الكوميديا الكلاسيكية :
وهي ظاهرة فرنسية تبدت سنة 1630 بالتحديد ويرجع سبب ذلك لظهور الأكاديميات , وظهور طبقة النبلاء وكبار البرجوازيين , وتبلورت بشكلها النهائي زمن ظهور ( مولير ) الذي خلق نموذجا خاصا من الكوميديا إذ جمع بين تأثيرات الكلاسيكية الفرنسية والتقاليد الكوميدية الشعبية التي استمدها من المسرح الجوال وأدخلها ووظفها في نصوصه بشكل لم يتقنه من أتوا بعده فكان ذلك سببا بانحدار الكوميديا .
وبعد انقضاء مرحلة مولير تجددت الكوميديا الكلاسيكية بكونها ترتبط بالواقع , فالشخصيات في هذه الكوميديات تنتمي إلى كافة طبقات الناس ففيها الشخصية الشعبية أو البرجوازية وأحيانا شخوصها تكون من النبلاء شرط ألا تطرح المسرحية وضعهم السياسي .
وعرفت هذه الكوميديات بالكلاسيكية بكونها مسرحيات ذات مسار معين فيه توترا دراميا لكن نهاياتها سعيدة , والحدث فيه ذو مظهر معقد لكن تخطيه ممكن , وهذا ما يوص إلى النهايات السعيدة .
8 – أزمة الكوميديا في القرن الثامن عشر :
في هذه المرحلة بدأت التراجيديا والكوميديا تنحسر كأنواع مستقلة وعاد العنصر المأسوي والكوميدي يجتمعان في مسرحية واحدة ففي عام 1760 طرح المنظر الفرنسي ( دونيز ديدرو ) 1713 – 1784 أزمة المسرح ككل ورفض تقسيمها إلى أنواع انطلاقا من أن الإنسان لا يعيش وضعا مأساويا خالصا ولا كوميديا خالصا . لكن هذه الأفكار لم تجد طريقها إلى التطبيق إلا بعد الثورة الفرنسية في القرن التاسع عشر , حيث سادت في القرن الثامن عشر أنواع من التهريج الشعبي التي اعتمدت على الغناء والرقص الماجن .
وبعد الثورة الفرنسية انحسرت الكوميديا نهائيا ضمن شروطها كجنس مسرحي , وانتشرت أنواع هجينة مثل الدراما التي كانت ترمي الاقتراب من الواقع , لكن بقي أنواع شعبية بديلة عن الكوميديا والتراجيديا مثل الفودفيل المضحك والميلودراما الباكية , وفي هذه الفترة أخذ المسرح طابعا ترفيهيا أعطى للعرض المسرحي الأولوية على النص .
وظل الوضع هكذا حتى دخول القرن العشرين فقد صارت تسمية الكوميديا تعني مسرحية مضحكة خفيفة . كما ظهرت أنواع مسرحية تحتوي بعض المواقف المضحكة , هذا ما نجده في عروض الفودفيل , وبعض أنواع الفارس الحديثة .
وقد ظهرت في روسيا الكوميديا الواقعية مع ( نيقولاي غوغول ) 1809 – 1953 وشكلت خطا جديدا تلاه( أنطوان تشيخوف ) 1860 – 1904 ومن مسرحاته الكوميدية النورس – بستان الكرز – الدب .
وفي ثلاثينيات القرن العشرين دخلت العناصر الهزلية على الأنواع المسرحية الجادة , وهذا الهزل الظاهري يعبر عن مأسوية الحياة , كما في مسرح العبث والمسرح السوريالي ومثالا على ذلك مسرحية ( اوبو ملكا ) , كما ظهر ما يسمى بالكوميديا السوداء .
وعلى صعيد الإخراج حاول بعض المخرجين إحياء أشكال الإضحاك الشعبي للتوصل إلى طرح ما هو جاد ضمن قالب هزلي وهذا ما نراه في عروض الروسي ( مايرخولد) 1874 – 1940 والإيطالي داريو فو1926 والفرنسية( أربان موشكين ) .
الكوميديا في المسرح الشرقي :
الكوميديا كتسمية لم تدخل المسرح الشرقي إطلاقا , لكن الإضحاك لم يغب عن المسرح الهندي والمسرح الصيني لكنه أخذ شكل فواصل مضحكة , أو يأتي الإضحاك ضمن سياق نصي أساسه التراجيدي .
الكوميديا في المسرح العربي :
علق ابن سينا 980 – 1037 على كتاب أرسطو فن الشعر وأستخدم اصطلاح ( قوميزيا ) لجهل العرب آنذاك في المسرح وأنواعه أما ابن رشد 1126 – 1198 حيث شرح حول الكوميديا واعتبرها صناعة الهجاء .
ومع دخول المسرح في القرن التاسع عشر استخدمت كلمة ( كوميضة ) للدلالة على المسرح بشكل عام كم استخدمت كلمة ملهاة للكوميديا لأنها تتضمن معنى الترويح عن النفس والتسلية .
ومن رواد المسرح العربي الذين تبنوا الكوميديا :
( مارون النقاش ) 1817 – 1855 و ( يعقوب صنوع ) 1839 – 1912 .
حينها اعتبروا مواضيع الكوميديا التي اقتبسوها من المسرح الغربي أقرب إلى الواقع وأكثر قابلية للتوافق مع الواقع العربي حينها , واستخدموا اللغة الفصيحة المطعمة بالعامية , كما استخدموا اللهجات المحلية الصرفة كوسيلة للإضحاك , نجد ذلك على سبيل المثال في مسرحية البخيل والسليط الحسود للنقاش ومن ثم تطورت الأشكال الكوميدية وظهرت أشكال أقرب إلى الفودفيل والفارس الشعبية مستمدة من شخصيات نمطية كان يؤديها ممثلون معروفون مثل المصري ( نجيب الريحاني ) 1891 – 1949 الذي ابتدع شخصية كشكش بيه والمصري( علي الكسار)1885 – 1951 الذي ابتدع شخصية البربري عثمان وقلده من بعده بنفس الشخصية السوري ( عبد الطيف فتحي ) 1916 – 1986 , كما ابتدع اللبناني ( جورج دخول ) الشخصية الكوميدية الشعبية كامل الأصلي .
وعرف المسرح العربي في أواسط الخمسينيات مسرحيات كوميدية ذات ثمة واقعية هادفة تمتلك أبعادا سياسة , ولهذا أصبح حينها النص ذو قيمة كبيرة على حساب العرض , ومن كتاب هذا النوع الكاتب ( نعمان عاشور ) 1918 – 1987 , ومن هذه المسرحيات حياتنا كده – الناس يلي تحت والناس يلي فوق – عيلة الدغري .
كما كتب المصري( علي سالم ) العفاريت الزرق – الرجل الذي ضحك على الملائكة , وكتب ( الفريد فرج ) عسكر وحرامية – حلاق بغداد .
أما في سبعينيات القرن العشرين أخذت الكوميديا تنتشر كظاهرة مسرحية شعبية ترفه عن المتفرج ضيقه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي , فظهر في مصر فؤاد المهندس كظاهرة فنية شعبية , وفي أواخر السبعينيات ظهر في مصر أيضا ظاهرة كوميدي أكثر رقي من سابقتها أمثال ( محمد صبحي ) و( عادل إمام ) ولكن بدأت الكوميديا تنحدر في مصر وتأخذ طابعا تهرجيا فارغا من المحتوى الإنساني .
وظهر في لبنان بنفس المرحلة السابقة كوميديان في منتهى الرقي وهو ( خضر علاء الدين ) صاحب الشخصية الشهيرة ( شوشو) وبعض الشخصيات الأخرى مثل أبو الفهم , كما أن الكوميديا بدأت تنحدر في لبنان وتكونت بعض الفرق التي روجت إضحاكا أقرب إلى الفرس من الكوميديا مثل فرقة الساعة العاشرة .
أما في سورية فهي شأنها شأن غيرها في المسرح الكوميدي حيث ظهر بعض الكتاب الذين كتبوا الكوميديا الشعبية مثل حكمت محسن والأغواني , ومن ثم ظهر الكوميديان نهاد قلعي كاتبا وممثلا ومن بعده دريد لحام الذي كتب له الشاعر الكبير محمد الماغوط جل مسرحياته التي تتحدث عن الهم العام للبلاد والهم الخاص للمواطن معا , وما إن توفي الفنان نهاد قلعي حتى تراجع هذا النوع من المسرح وحل محله فرق غايتها الإضحاك مثل فرقة محمود جبر والأخوين قنوع تحت تسميات عديدة ذات محتوى واحد هو الضحك للضحك فقط .
ولم يستطع المسرح القومي في سوريا أن يقدم الكوميديا التي من المفترض أن تجعل المتفرج خارج الحدث وتحفزه للمعرفة من خلال همه اليومي كما كان يفعل النجمان دريد ونهاد في شخصيتي غوار الطوشة وحسني البورظان .
وفي النهاية لا بد من القول بأن الكوميديا بمعناها الأكاديمي المعرفي هي من أصعب وأرقى الفنون المسرحية على الإطلاق .
الخميس مايو 26, 2011 2:12 am من طرف الكينج
» عزاء واجب
الخميس مايو 26, 2011 2:10 am من طرف الكينج
» * تستعد فرقه المسرحجيه لعرض مسرحيه طريق الخلاص اعداد واخراج عادل جمعه *
الأحد أبريل 03, 2011 12:47 am من طرف الكينج
» المخرج عادل جمعه
السبت أبريل 02, 2011 3:23 am من طرف الكينج
» لحظات فى عيون شهداء 25 يناير بقلم / حسين محمود
الأحد مارس 06, 2011 1:06 am من طرف الكينج
» سجين نفسى (( اهداء للصحافة الاعلام المصرى ))
الأحد مارس 06, 2011 1:04 am من طرف الكينج
» يوم الثورة
الأحد مارس 06, 2011 1:01 am من طرف الكينج
» .. الخلطة السرية للوصل الى الديمقراطية
الأحد مارس 06, 2011 12:59 am من طرف الكينج
» النقد المسرحى و مسرح الهواة
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:57 pm من طرف الكينج
» «مملكة النمل».. يكشف القضية الفلسطينية
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:50 pm من طرف الكينج
» مسرح الهواة.. الاستراتيجية والمنهج
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:47 pm من طرف الكينج
» الشافعي يعيد "جمال عبد الناصر" مع "عشاق النيل"!
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:42 pm من طرف الكينج
» حاليا على مسرح قصر ثقافة السلام
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 12:14 am من طرف الكينج
» حصرياً - فيلم الكوميديا الرائع ( سمير وشهير وبهير ) نسخه جديده ts.hq أفضل وضوح - بحجم 200 ميجا - وعلى أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 4:04 pm من طرف الكينج
» بإنفراد تام أسطورة الكوميديا عادل إمام فى فيلم العيد وقبل العيد زهايمير بجودة خرافية وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:57 pm من طرف الكينج
» بإنفراد : نجم الكوميديا الأول أحمد حلمى و فيلم العيد الرهيب بلبل حيران . بجودة High CAM وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر .
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:54 pm من طرف الكينج
» حصريا .. أحدث ألعاب كرة القدم والتاكتيك . Fifa Manager 2011 بمساحة 2.4 جيجا فقط على أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:49 pm من طرف الكينج
» لعبة المتعة والاثارة .. Creatures Exodus نسخة فل ريب بمساحة 170 ميج فقط ..
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:46 pm من طرف الكينج
» لعبة الاكشن والمغامرات الرائعة :: Alien Breed 3 Descent Repack :: مضغوطة بحجم 353 ميجا فقط
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:42 pm من طرف الكينج
» مسرح الهواة
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 12:59 am من طرف الكينج