أين أمة الإسلام؟ أين أمة القرآن؟ أين أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ يا مسلمون يا أتباع محمد يا هذه الأمة استيقظوا من سباتكم واحيوا من مواتكم
أيها الأخوة المسلمون في برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة في الحلقة الماضية فوجئت بسؤال عجيب من أحد المشاهدين قال هذا السائل المشاهد إن أمتنا لا يمكن أن تتوحد ولا أن تتقدم إلا إذا أبعدت الدين ورجال الدين عن الحياة وشؤون الحياة وأخذت بأسباب التقدم كما فعل الأوروبيون فلم ينهضوا ولم يتقدموا إلا حينما أبعدوا الدين، أجبت بسرعة بما يقتضيه المقام وما يتسع له الوقت على هذا السؤال، ولكن فكرت أن نجعل هذا الموضوع هو موضوع هذه الخطبة، عجيب أن يقول ذلك مسلم وأن يطالب مسلم بصراحة وبوضوح بإبعاد الدين وعلماء الدين عن الحياة
مسلم يطالب بإبعاد الدين عن الحياة
الذي حدث مع الغربيين
حضارة تقوم على العلم والإيمان
ماذا جنينا من وراء الحكم العلماني؟
الدين فطرة الله
أعزنا الله بالإسلام
ماذا استفادت الأمم التي أغرقت في العلمانية؟
الله أكبر صنعت العجائب
أطالب الحكومات أن يستفتوا الناس
الإسلام محرِّك مفجِّر
--------------------------------------------------------------------------------
أين أمة الإسلام عما يجري في كوسوفو؟
نشكو كل ذلك إلى الله
لابد أن نقف مع إخواننا في كوسوفو
مسلم يطالب بإبعاد الدين عن الحياة
أيها الأخوة المسلمون في برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة في الحلقة الماضية فوجئت بسؤال عجيب من أحد المشاهدين في أبو ظبي كنا نتحدث عن وحدة الأمة الإسلامية فقال هذا السائل المشاهد إن أمتنا لا يمكن أن تتوحد ولا أن تتقدم إلا إذا أبعدت الدين ورجال الدين عن الحياة وشؤون الحياة وأخذت بأسباب التقدم كما فعل الأوروبيون فلم ينهضوا ولم يتقدموا إلا حينما أبعدوا الدين، عزلوا الدين ورجال الدين عن شؤون الدولة والمجتمع وشؤون الحياة عامة ونحن لا أمل في أن ننهض ونرقى ونتقدم إلا إذا فعلنا مثلما فعلوا وأبعدنا الدين ورجاله عن الحياة .. أجبت بسرعة بما يقتضيه المقام وما يتسع له الوقت على هذا السؤال، ولكن فكرت أن نجعل هذا الموضوع هو موضوع هذه الخطبة، عجيب أن يقول ذلك مسلم وأن يطالب مسلم بصراحة وبوضوح بإبعاد الدين وعلماء الدين عن الحياة، لو قال بإبعاد التديُّن الخرافي أو قال بإبعاد التديُّن المغلوط الذي يمارسه بعض الناس أو بالأفهام الخاطئة لبعض علماء الدين لكان هذا أمراً مقبولاً أما أن يطالب بإبعاد الدين وعلماء الدين الذين سماهم رجال الدين وليس في الإسلام شيء اسمه رجال الدين كل مسلم رجلٌ لدينه، هناك أديان فيها رجال دين رجال كهنوت، وعندنا ليس هناك رجال كهنوت هناك علماء في الدين متخصصون في أمر الدين كما يوجد علماء متخصصون في الهندسة وفي الطب وفي الاجتماع وفي علم النفس وفي غيرها، يوجد علماء متخصصون في الدين يسألون فيما يُشكل على الناس (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، (فاسأل به خبيراً)، (ولا ينبئك مثل خبير)، ماذا يريد هذا الإنسان وأمثاله موجودون في حياتنا، يريدون لأوطاننا ولشعوبنا أن تسير في خط العلمانية الذي يعزل الدين عن الحياة والحياة عن الدين، أن تسير الحياة بمعزل عن هداية الله وهدي رسوله أن تسير مطلقة السراح لا تشريع يلزمها، ولا توجيه يهديها ولا تتصل أرضها بالسماء، بل هي سائبة تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، هذا ما يريده هؤلاء، هل يمكن هذا؟ هل يمكن أن تسير الحياة بغير دين؟
الذي حدث مع الغربيين
الواقع أن الغربيين حينما ثاروا على الدين لم يثوروا على دين الله الذي أنزله على رسله، إنما ثاروا على دين الكنيسة المحرَّف، هذا الدين الذي اعتمدته الكنيسة في عصورها الوسطى في أوروبا فوقفت مع الجهل ضد العلم، ووقفت مع الخرافة ضد الحقيقة ووقفت مع الملوك ضد الشعوب ووقفت مع الإقطاعيين ضد الفلاحين ووقفت ضد كل تقدم وكل إبداع وكل فكر حر وصنعوا ما عُرف بمحاكم التفتيش التي اعتبرت كل اختراع يخترعه مخترِع وكل علم يصل إليه مبتكر اعتبرت هذا ضد الدين وضد المقدسات اعتبرته هرطقة وإلحاداً، الأشياء التي كان يدرسها المسلمون في مدارسهم ومعاهدهم مثل كروية الأرض حينما وصل من وصل من علمائهم إلى كروية الأرض اعتبروه خرج عن الدين ومرق منه، وهكذا كانت هناك فظائع تقشعر منها الأبدان، حتى أنهم حاكموا بعض الناس بعد موتهم وأحرقوا جثثهم، فعلوا الأفاعيل أفانين التعذيب التي لم يفعلها البشر طوال تاريخهم ارتكبتها محاكم التفتيش ولذلك حينما مسَّ أوروبا قبس من الشرق الإسلامي فنهضوا بعد عثرة وتقدَّموا بعد تخلُّف واستيقظوا بعد سُبات عميق وبدأوا يأخذون بأزِمَّة العلم التجريبي تركوا منطق أرسطو وقياس أرسطو ومشوا في طريق الاستقراء والتجريب وهذا منهج أخذوه من المسلمين باعتراف مؤرخي العلم عندهم بستاف لوبون ودرابر وبريفولت وجورج سارتون وغيرهم قالوا إن هذا المنهج أُخِذ من الحضارة العربية الإسلامية ليس مبتكره هو روجر بيكون ولا فرانسيس بيكون إنما أخذوه من حضارة العرب والمسلمين نهض القوم واستيقظوا ووجدوا هذه العقبة في طريقهم الدين ورجال الدين، فثارت الجماهير على هؤلاء وكانت الصيحة السائدة في ذلك الوقت "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس" لا مكان للملوك الظالمين ولا للقُسس المنافقين المؤيدين لهؤلاء الجبارين، هذا ما صنعه الغرب وفرض العلمانية على الحياة، عزل الدين أي الدين الذي يعوق الحياة ويعطِّل المسيرة ويؤخر التقدم فهل نحن عندنا مثل هذا؟
حضارة تقوم على العلم والإيمان
هل نحن المسلمين عندنا ما يعوق التقدم ويعرقل التطور ويمنع العلم أن يأخذ نصيبه في الحياة؟! لا والله الدين عندنا علم والعلم عندنا دين لم يقم في تاريخنا صراع حقيقي بين الدين والعلم أو بين العقيدة والفكر أو بين الشريعة والحكمة، لقد وجدنا في تاريخنا حضارة تقوم على العلم والإيمان تؤاخي بين العلم والإيمان وهذا هو شأن القرآن، القرآن يقوم على أن العلم خادم الإيمان وقد وجدنا في قصص القرآن ما يؤيِّد هذا .. سليمان عليه السلام حينما أراد أن يأتي عرش بلقيس من اليمن إلى الشام وقال لملأه (أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين) أراد سليمان أن يكون هناك ما هو أسرع من هذا (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) قبل أن تغمض عينيك وتفتحها آتيك به بواسطة علم من الكتاب معناها أن العلم يجعل الإنسان أقوى من الجن فالذي أعطاه الله من وسائل القوى ما لم يعطه البشر، فلما جيء بعرش بلقيس قال سليمان (فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) هذا هو الإيمان مع العلم، وهذه هي حضارة الإسلام، حضارة العلم والإيمان معاً، كان كثير من علمائنا المشهورين في الجوانب العلمية الطب والفلك والرياضيات وغيرها كانوا علماء دين، ذكرت لكم في خطب سابقة أن الفخر الرازي صاحب التفسير المشهور وصاحب الكتب الأصولية والفقهية وغيرها، قالوا كانت شهرته في الطب لا تقل عن شهرته في علوم الدين، والقاضي ابن رشد وهو أحد قضاة الشرع المالكيين وصاحب كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" في الفقه المقارن هو نفسه صاحب "الكليات" كتاب "الكليات" في الطب الذي ترجم إلى اللاتينية وكان مرجعاً للأوروبيين عدة قرون، هكذا كانوا، مخترع علم الجبر الخوارزمي اخترعه ليحل به بعض مسائل الميراث والوصايا ولذلك نصف رسالته فقهية ونصفها رياضية هذه هي حضارتنا.
ماذا جنينا من وراء الحكم العلماني؟
من قال أن الدين عندنا يعوق العلم أو التقدم بالعكس نحن منذ أن دخل الاستعمار بلادنا يحكمنا حكماً علمانياً، أبعد الشريعة عن الحياة لا نحكم بالشريعة إلا في أمور الزواج والطلاق والرضاع في معظم البلاد الإسلامية، ماذا جنينا من وراء الحكم العلماني، لازلنا في مؤخرة الشعوب وقد كنا في المقدمة، في مأخذ الزمام من القافلة البشرية، للعلامة أبي الحسن الندوي رسالة صغيرة لطيفة مركَّزة اسمها "المد والجزر في تاريخ الإسلام" بيَّن فيها بالأدلة التاريخية الموثَّقة أنه كلما كان المسلمون أقرب إلى شرع الله وإلى الحكمة به وإلى العمل بتوجيهاته كانوا أكثر ازدهاراً وأكثر قوة وأكثر انتصاراً على أعدائهم وكلما بعدوا عن هذا الدين كلما تأخَّروا كلما تخلَّفوا كلما انهزموا كلما انفرط عقدهم، هذا ما يقوله التاريخ انظر إلى فترة الخلفاء الراشدين، المد الإسلامي والفتح الإسلامي، انظر أفضل فترة في عهد الأمويين فترة عمر بن عبد العزيز الذي أقام العدل ووضع الأمور في نصابها وحارب الجور والظلم والبدع وأعاد سنن الراشدين، انظر في عهد العباسيين تجد فترة الرشيد والمأمون من أخصب الفترات في تاريخنا وقد بيَّن العلامة ابن خلدون أن الرشيد لم يكن كما يحكى الحكائون وكما يقرأ بعض الناس في ألف ليلة وليلة وأخذوا فكرة عن هارون الرشيد أنه رجل متسيب، قال لا .. لقد نشأ نشأة إسلامية، ودلَّل على ذلك بأدلة تاريخنا لا يرتقي إليها الريب في أن الرجل كان مسلماً، وكان يغزو عاماً ويحج عاماً، وفي العام الذي لا يحج فيه يبعث بثلاثمئة عالِم يحجون، هكذا كان هؤلاء، رأينا في عصر نور الدين محمود الشهيد وصلاح الدين الأيوبي هؤلاء الذين أعادوا للأمة كيانها من جديد ووقفوا ضد الحروب الصليبية، كان هؤلاء أقرب ما يكونون إلى الإسلام، الرجل الذي انتصر على التتار في المعركة الحاسمة التي لم تقم لهم بعدها قائمة معركة عين جالوت هو سيف الدين قطز وكان رجلاً من الصالحين العباد، كلما اقترب المسلمون من الإسلام انتعشت حالتهم وازدهرت قوتهم واتحدت كلمتهم، هذا ما يقوله التاريخ فكيف نريد أن نجرِّد الأمة من سر قوتها، من مصدر عزتها؟!
الدين فطرة الله
الدين جوهر الحياة وسر الوجود لكل الناس، الدين فطرة الله التي فطر الناس عليها، ليس الدين أمراً مفروضاً على الناس من الخارج بل هو نابع من داخلهم، من فطرتهم خصوصاً الدين الحقيقي كل مولود يولد على الفطرة، فطرة التوحيد فطرة الإيمان بالله الواحد، هذا الدين كيف نجرِّد الإنسان منه، بعض فلاسفة أوروبا حتى الذين لم يكونوا يؤمنون بالله كانوا يؤمنون بالإيمان بالله، يقولون: لو لم يكن الله موجوداً لوجب علينا أن نخلقه حتى تستقيم الحياة، لأنه لا يمكن أن يحيا الناس بغير دين، وقال بعضهم: لِمَ تشكِّكون في وجود الله، ولولا وجود الله لخانتني زوجتي وسرقني خادمي، أي الإيمان هو الذي يضبط الحياة يردع الناس عن الشر يبعث الناس على الخير، هذا في الدين عامة فكيف بدين الإسلام خاصة، الدين الذي ختم الله به الرسالات وأتم به النبوَّات وبعث به خاتم النبيين ليتمم مكارم الأخلاق، هذا الدين ضرورة للحياة، ضرورة للفرد ليطمئن ويسعد، وضرورة للمجتمع ليتماسك ويرقى، وضرورة للأمة كلها لتتحد على هدف عظيم وضرورة للإنسانية كلها، الإسلام ضرورة للحياة، الإسلام هو الذي أنشأ العرب من عدم، هو الذي أحياهم من موات وجمعهم من شتات، وعلَّمهم من جهالة وهداهم من ضلالة وأعزهم من بعد الذلة، وكثَّرهم بعد القلة وأخرجهم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ماذا كان العرب قبل الإسلام؟ لم يكن لدى العرب فلسفة كفلسفة اليونان، ولا تشريع كتشريع الرومان ولا تمدُّن كتمدُّن الفرس، ولا حكمة كحكمة الهند ولا صنعة كصنعة الصين، الصنعة التي برعوا فيها وتفوَّقوا فيهاهي صنعة البيان والكلام والشعر وفنون القول أما ما عدا ذلك فكانوا رعاة للإبل والغنم ما الذي أخرجهم ونقلهم من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم، ما الذي بوأهم مكان الأستاذية للبشرية، وجعلهم شهداء على الناس أمة وسطاً، خير أمة أخرجت للناس ما الذي أعطى العرب هذه المكانة إنه الإسلام، إنهم بالإسلام صاروا شيئاً جديداً بعد أن كانوا كما قال الله تعالى (وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) وأي ضلال من أن تفسد عقولهم حتى يعبدوا الحجارة، فإذا لم يجدوا حجراً كما قال أبو رجاء العطاردي: إذا وجدنا حجراً عبدناه فإذا وجدنا حجراً أحسن منه ألقينا الأول وعبدنا الثاني، فإذا لم نجد حجراً حثونا حثيات من تراب وحلبنا عليها من شاة وصوَّرناها فاتخذناها إلهاً، فسدت العقول إلى هذا الحد، وفسدت القلوب والعواطف إلى حد وأد البنات وهن في حالة الحياة، الأب يقتل أولاده وفلذة كبده حتى لا يأكلوا معه، أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، وليته يقتله بالسيف ويريحه ولكن يحفر له حفرة فيئده فيها حياً (وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت)..
أعزنا الله بالإسلام
ما الذي أخرج العرب من هذه الوهدة ونقلهم هذه النقلة الكبرى وجعلهم قادة الأمم وفتح بهم العالم إنه الإسلام، الإسلام الذي أشعرهم بكيانهم وبوجودهم وجعل لهم دعوة يخاطبون بها الناس كما عبَّر عن ذلك ربعي بن عامر حينما لقي رستم قائد جيوش الفرس وسأله رستم: من أنتم وما الذي أخرجكم من بلادكم؟ قال له: "نحن قوم ابتعثنا الله لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام"، لخَّص فلسفة الإسلام، لخَّص الأهداف الكلية الكبرى للإسلام في هذه الكلمات، هذا الرجل الذي لم يدخل مدرسة ولم يتعلم في جامعة، ولكنه تعلم في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، ففهم منها أهداف دعوته ومقاصد رسالته، عمر بن الخطاب حينما جاء في رحلته التاريخية المثيرة من المدينة إلى القدس إلى فلسطين ليتسلم مفاتيح القدس كما قال باطريركها الأكبر، في الطريق قابلته مخاضة منـزل وشمَّر عن ثيابه، وخلع نعليه وخاض هذه المخاضة أمام الجنود وأمام الناس وقال له أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين ليتك لم تفعل هذا نحن في بلاد تؤمن بالمظاهر وبهذه الأشياء ما كنا نحب أن تنـزل فقال له: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نحن كنا أذل قوم فأعزَّنا الله بالإسلام فمهما نلتمس العِزة بغيره أذلَّنا الله" أعزنا الله بالإسلام، هذه أمة صنعها الإسلام، صنع عقولها صنع مشاعرها صنع ضمائرها صنع شبابها وشيوخها صنع رجالها ونساءها غيَّرها خلقاً آخر حينما مسَّتها نفحة الإسلام حينما خالطت قلوبها بشاشة الإيمان أصبحوا أناساً جُدداً، الصحابة الذين نقرأ تاريخهم ولم تر عين الدنيا أمثالهم هذا الجيل الرباني القرآني المحمدي الفريد، هذا الجيل صنعه هذا الدين، لو نظرت ما بين جاهليتهم وإسلامهم وجدت فرقاً شاسعاً، انظر إلى عمر بن الخطاب في الجاهلية وعمر بن الخطاب في الإسلام ترى بَوناً شاسعاً وفرقاً بعيداً، الإسلام هو الذي صنع هذه الأمة، هل يراد لنا أن نتخلى عن هذا الدين!!
ماذا استفادت الأمم التي أغرقت في العلمانية؟
ماذا نستفيد بتخلينا عن هذا الدين وماذا استفادت الأمم التي أغرقت في العلمانية، وأخذتها بكل حذافيرها مثل تركيا، تركيا بلد الخلافة الإسلامية، ثار حُكَّامها على الإسلام، وعزلوا الإسلام عن الحياة تماماً، فرَّغوا الثقافة والإعلام والتعليم والتربية والتقاليد والقوانين من الإسلام حتى القوانين الأسرية قوانين الأحوال الشخصية التي بقيت في كثير من البلدان، هذه لم يبقوها، أجازوا للمسلمة أن تتزوَّج بغير المسلم، سوَّوا بين الذكر والأنثى في الميراث، حرَّموا الطلاق وتعدد الزوجات ..الخ، لم يبقوا شيئاً حتى الحرف العربي الذي كانت تكتب به اللغة التركية حرَّموه وكُتبت بالحروف اللاتينية ليعزلوا الأجيال الجديدة عن التراث الإسلامي المكتوب بالحروف العربية، حتى الأذان منعوا الأذان باللغة العربية، وفعلوا ما فعلوا، حرموا على المرأة المسلمة أن تلبس الحشمة فرضوا على الناس أن يلبسوا القبعة، حتى المشايخ في المساجد يحرم عليهم أن يلبسوا العمامة أو الجُبَّة، وكل إمام هناك له حجرة فيها جُبَّة وعمامة يلبسها حينما يدخل ويخلعها قبل أن يخرج لا يباح له أن يلبسها، ماذا فعلت تركيا بهذا؟ تُعبِّر عن ذلك كاتبة تركية فتقول: "كنا أول دولة في الشرق أصبحنا آخر دولة في الغرب"، هذا ما جنته تركيا، لم تدخل العصر النووي ولم تتقدَّم وحتى هي ليست آخر دولة في الغرب، الغرب في حقيقة الأمر لا يعترف بها ويقول أن ثقافتها مخالفة لثقافتنا، أي أن جذورها إسلامية، وكل ما في الأمر أن هناك صراعاً بين الجذور الأصلية وبين هذه الطوارئ العارضة، والجيش هو الذي يحمي العلمانية، يحارب مجرد حفظ الأطفال القرآن، لا يجوز أن يحفظ الأطفال القرآن، نحن هنا في بلاد الخليج وفي مصر وفي غيرها نشجِّع حفظ القرآن، نعمل مسابقات لحُفَّاظ القرآن ونعطي جوائز لأهل القرآن وهم يعتبرون المدارس القرآنية خطراً على العلمانية، هل يريد هؤلاء الذين يطالبون بعزل الدين وعزل علماء الدين عن الحياة أن نسير كذلك، هل يريدونا أن نسير كما يسير الغرب في فلسفة المادية الكافرة، وفلسفة الإباحية الفاجرة، وأن نسير خلف مبادئه التي رأيناها تبيح الحرام وتحرِّم الحلال، حتى إنهم أجازوا أن يتزوج الرجل الرجل وتتزوج المرأة المرأة، وتبارك ذلك الكنيسة للأسف وتصدر بذلك قوانينهم، ورأينا أندية العُراة والشُذَّاذ وجمعيات الشُذَّاذ الذين أصبح لهم كيان ووجود ونفوذ ويؤثِّرون في الانتخابات، هذا ما يراد لنا نحن المسلمين.
الله أكبر صنعت العجائب
إن الدين هو جوهر الحياة والإسلام خاصة هو الذي جمع الله فيه خلاصة الدين الحقيقي الذي أنزل الله به كتبه وبعث به رسله وجعل فيه سر الوجود وسعادة الحياة، لا يمكن أن يسعد الإنسان بغير دين ولا أن يرقى بغير دين ولا أن يستقر بغير دين، ولا يمكن أن ننهض نحن في حياتنا وأن نلحق بالركب في عصرنا إلا إذا احتضنَّا الإسلام، نحن متخلفون كثيراً وكثيراً وكثيراً عن غيرنا، هم الآن في عصر الثورات العلمية الثورة التكنولوجية والثورة البيولوجية والثورة الفضائية والثورة الإلكترونية، وثورة الاتصالات وثورة المعلومات أين نحن من هذا كله، نحن بعيدون بعيدون كيف نستطيع أن نعوِّض ما فات ونلحق بالركب لا يمكن إلا إذا كانت لأمتنا رسالة ولها هدف تستطيع أن تعمل وتضاعف العمل من أجل هذا الهدف الذي تؤمن به ولا يمكن أن يكون لأمتنا رسالة غير رسالة الإسلام، ولا هدف أكبر من العمل لنصرة الإسلام وتحقيق الإسلام هذا هو الذي يمكن أن ينهض بأمتنا، وقد جرَّبنا في تاريخنا المعاصر أحداثاً ذات دلالة، دخلنا في سنة 1967م 5 حزيران أو 5 يونيو حرباً انتهت بهزيمتنا فتحت الطريق، كان الطريق مفتوحاً أمام إسرائيل لتصل إلى القاهرة ودمشق، وجربنا حرباً أخرى في 1973 في السادس من أكتوبر 73 أو العاشر من رمضان سنة 1393هـ كان شعار الحرب الأولى: بر بحر جو، فلم ننتصر في بر ولا بحر ولا جو وكان شعار الحرب الثانية: الله أكبر، الله أكبر صنعت العجائب، ولهذا نرى أنه لا يمكن أن ينتصر شعبنا، تنتصر أمتنا إلا إذا استمسكت بعُرى الإسلام، يوم خرجت الانتفاضة التي كانت تسمى في أول أمرها ثورة المساجد لأنها انطلقت من مساجد غزة ترفع المصاحف وتنادي الله أكبر الله أكبر وينادي أطفالها خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود، يوم انطلقت هذه الحجارة لم يقف أمامها شيء.
أطالب الحكومات أن يستفتوا الناس
إذا أردنا أن نحيي أمتنا أن نجعل من أمتنا شيئاً كبيراً يستطيع أن يغير من واقعنا الأليم لابد أن نعتمد على الإسلام، بغير الإسلام لا حياة لنا، بغير الإسلام لا وحدة لنا، بغير الإسلام لا عزَّة لنا، بغير الإسلام لا انتصار لنا، إني أعجب من أولئك الذين يريدون أن يجرِّدونا من الإسلام، والإسلام مطلب جماهيري الإسلام ليس شيئاً يفرضه حاكم أو يفرضه الاستعمار، الشعوب هي التي تطالب بالإسلام، لو تُركت الشعوب لحريتها ولإرادتها ما اختارت غير الإسلام، ولكنها مقهورة في معظم البلدان .. استفتِ الناس، أطالب الحكومات العربية والإسلامية أن يستفتوا الناس على هذا الأمر، ماذا تختارون شروع الله أم قوانين الناس؟ تختارون القرآن أم غير القرآن؟ نريد أن يُسئل هذا السؤال في كل العالم الإسلامي، لن يختار الناس إلا الإسلام وأنا أقصد بالناس الجمهور الأعظم، ستكون هناك قلة لا وزن لها إنما أنا أقول الجمهور الأعظم لا يمكن أن يختار إلا الإسلام، بل حتى تلك القلة لا تستطيع أن تجاهر وترفض لأنها إذا فعلت ذلك سقطت أمام الجمهور الأعظم من الناس وهي تريد أن تنافقه وتتملَّقه وتكسب رضاه وتخطب ودَّه، حتى هذه القِلَّة لا يمكن أن تقول نرفض الإسلام، الإسلام هو غايتنا هو الركن الركين الذي نستند إليه هو الحصن الحصين الذي نلوذ به نقبل أن يُقال نرفض الإسلام الذي سماه الشهد سيد قطب" الإسلام الأمريكاني" الإسلام الذي يسير في ركاب الظالمين، الإسلام الذي يفرِّخ الفتاوى للطغاة والمستبدين، الإسلام هذا الذي يشتغل بالأمور الصغيرة ويسكت عن الأمور الكبيرة، كلما يفتي فيه طول اللحية وقصر الثوب ويترك إقامة العدل وتوفير الكرامة للإنسان وإعطاء كل ذي حق حقه، والتنمية الشاملة للمجتمع ووجود الأمة الإسلامية، وقضايا الإسلام الكبرى في فلسطين وفي كوسوفو وفي كشمير وفي غيرها، هذا الإسلام هو الذي نرفضه، هذا هو الإسلام المنوِّم، إنما الإسلام ليس منوِّماً ولا مخدِّراً، ولا أفيوناً..
الإسلام محرِّك مفجِّر
الإسلام الحقيقي هو محرِّك الجماهير ومفجِّر طاقاتها، الإسلام يجعل من المسلم بطلاً ويجعل له جندياً مقاتلاً ويجعل منه إنساناً عزيزاً يعتز بعزة الله، (من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً)، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)، الإسلام هو الذي يعلِّم المسلم "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودِّع منهم" الإسلام هو الذي يعلِّم المسلم (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) هذا هو الإسلام محرِّك مفجِّر، ذهب أحد العلماء يوماً إلى أحد الملوك فوعظه وزجره، فقال له بعضهم: كان أولى بك أن تحاول إرضاءه وكذا، قال: لا كيف أفعل ذلك، وأنا أقرأ كل يوم في قنوتي ـ وكان العلماء الحنفية ـ نشكرك اللهم ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك" قنوت ابن مسعود "نشكرك اللهم ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك" هذا هو الإسلام، لا يمكن أن تنهض أمتنا ولا أن ترقى أمتنا ولا أن تتوحد أمتنا ولا أن تقوم بدورها في الحياة ولا أن تحرِّر أرضها ولا أن تفرض رسالتها إلا إذا تمسَّكت بالإسلام بالعروة الوثقى لا انفصام لها فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم.
أين أمة الإسلام عما يجري في كوسوفو؟
أيها الأخوة المسلمون كلنا نتابع ما يجري في كوسوفو وما يقع لألبان كوسوفو كلنا نتابع هذه المجزرة البشرية البشعة، التي تحدث في كل يوم وفي كل ساعة، لن تغني طائرات حلف الناتو شيئاً عن المسلمين بل كانت نكبة عليهم ولا ندري لحساب من هذا؟ هل يريد حلف الناتو أن ينقذ المسلمين حقاً أم يتركهم ضحايا تفترسهم أنياب العرب المتوحشين، هذا ما نراه للأسف، الناتو يضرب المطارات وهذه الأشياء ويترك المسلمين لا حول لهم ولا طول ولا سلاح في أيديهم، ولا قدرة لديهم ازداد الأمر عليهم، ازدادت المذابح، يُذبَّحون بالعشرات والمئات وترمى الجثث في الشوارع، الأبكار تُفتض في بيوتها النساء تُغتصب، الأطفال تُذبَّح، المدرِّسون يُذبَّحون أمام طلابهم في المدارس والآباء يُذبَّحون أمام أبنائهم في البيوت ماذا يجري؟ ما الذي يجري؟ أنحن على مشارف القرن الحادي والعشرين كما يقولون! وللأسف نرى بعض العرب يدافعون عن اليوغسلاف ويزعمون أن هؤلاء مسلمون يطلبون الانفصال، ينفصلون عن شعبهم وعن أمتهم، أي أمة تقتل أبناءها بهذه الطريقة؟ أيمكن لحكومة ما أن تبيد جزءاً من شعبها بهذه الطريقة؟ هذا يدل على أنه لا علاقة بين هؤلاء وهؤلاء، إنه الذبح الجماعي مقابر جماعية وجثث تلقى في الشوارع وفي الأنهار، ما الذي يجري؟ ونحن صامتون نحن العرب ونحن المسلمين صامتون صمت القبور، كأن الأمر لا يعنينا، كأنه لا تربطنا بهؤلاء عقيدة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" كأنه لا نقرأ قول الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) كأننا لا نقرأ قول رسوله "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، "المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم" أين أمة الإسلام؟ أين المليار وثلث المليار من البشر المسلمين؟ أين هؤلاء الذين رأيناهم منذ أيام في عرفات؟ أين هؤلاء الذين يشتركون في هذا الدين ويشتركون في شعائره ومشاعره، ألا توجد أمة إسلامية تستصرخها هذه النكبات المتوالية التي تذيب الحجر؟ أين المسلمون أيها الأخوة؟!
نشكو كل ذلك إلى الله
إننا نشكو إلى الله دماء سُفِكت، نشكو إلى الله أعراضاً هُتِكت، نشكو إلى الله حرمات انتُهِكت، نشكو إلى الله أطفالاً يُتِّمت ونساء ترمَّلت وأمهات أثكلت ومساجد دُمِّرت وبيوتاً خُرِّبت، نشكو إلى الله ما يجري لإخواننا ونحن لم نمد إليهم حتى ولا يد المساعدة بالمال، لم أر جمعية خيرية ولا هيئة هلال أحمر ولا مؤسسة رسمية ولا صندوقاً للزكاة ولا شيئاً من هذا يرفع صوته وينادي للناس تبرعوا لإخوانكم، وهذا أقل ما ينبغي لهؤلاء الذين يُعمل الآن على محو هويتهم، يُحرِقون أرشيف القوم شهادات الميلاد عقود الزواج وثائق التملك، شهادات المدارس، البطاقات الشخصية، الجوازات كل هذه الأشياء تُحرَق وتُدمَّر حتى لو عاد هؤلاء لا يجدون شيئاً يثبت من هم؟ ما هي هويتهم حتى القرى تُحرق وتُباد تماماً، أين المسلمون؟ لماذا لا يصرخ المسلمون، أين هذه الأمة؟ أين المعتصم الذي قيل في الزمن الماضي: وامعتصماه، فقال: لبيك أختاه لبيك، الأمر ليس أمر امرأة تستصرخ وإنما أمر شعب يُباد بأكمله، يُهجَّر بمئات الآلاف إلى الدول المجاورة، وقد نظرت إلى هؤلاء المساكين فإذا هم شيوخ كبار ونساء وأطفال وليس فيهم شاب، الشباب إما قُتِلوا أو اعتُقِلوا، وإما يحاولون أن يفعلوا شيئاً فلا يجدون سبيلاً، أين أمة الإسلام؟ أين أمة القرآن؟ أين أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ يا مسلمون يا أتباع محمد يا هذه الأمة استيقظوا من سباتكم واحيوا من مواتكم، لا يمكن لهذه الأمة أن تسكت على ما يجري في كوسوفو إلا أن تكون قد تركت دينها، إلا أن يكون الدين لا شأن له عندها، وهذا ما لا يكون، لازالت الأمة مؤمنة بربها وقرآنها ومحمدها، لازالت هذه الأمة تعيش بالإسلام وللإسلام، مهما جرى عليها ما جرى.
لابد أن نقف مع إخواننا في كوسوفو
أنا أدعو إخواني المسلمين هنا في قطر وفي كل مكان يصل إليهم صوتي هذا أن يقفوا وقفة الرجال، يقفوا وقفة الأبطال لنصرة إخوانهم هؤلاء لا ينبغي أن نخذل إخواننا وهم في حاجة إلى نصرتنا، لا ينبغي أن نبخل بأموالنا وهم في حاجة إلى كل ما يعينهم على الحياة، الآن يقولون أنهم يحتاجون إلى اللقمة، يحتاجون إلى ما يقيم الأود، وما يمسك الرمق، معرَّضون لمجاعة لا يجدون ما يقوتون منه ومما ذكرته الأنباء أنهم يتخذونهم دروعاً بشرية إذا جاء حلف الناتو ليضربهم، هؤلاء هم الذين يحمونهم لأن دماء المسلمين أصبحت أرخص الدماء، لم تعد دماء المسلمين غالية كما كانت في الزمن الماضي، هان المسلمون على أنفسهم فهانوا على الناس وكما قال الشاعر:
لعمرك لم تكرم على أحد بعدي
سأكرم نفسي إنني إن أهنتها
أسأل الله تبارك وتعالى أن يشد أزر إخواننا في كوسوفو وأن يعينهم على أعدائهم وأن يبطل مكر أولئك الأعداء وأن يرد كيدهم في نحورهم ويعيد سهامهم المسمومة إلى صدورهم، اللهم انصرنا على أعدائك أعداء الإسلام، اللهم انصرنا على الصربيين المتوحشين، وانصرنا على اليهود الغادرين، وانصرنا على الصليبيين الحاقدين، وانصرنا على الطغاة الجبارين، وانصرنا على جميع أعدائك أعداء الدين، اللهم رُدَّ عنا كيدهم، وفُلَّ حدَّهم، واذهِب عن أرضك سلطانهم، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين، ولا تدع لهم سبيلاً على أحد من عبادك المؤمنين .. اللهم آمين.
أيها الأخوة المسلمون في برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة في الحلقة الماضية فوجئت بسؤال عجيب من أحد المشاهدين قال هذا السائل المشاهد إن أمتنا لا يمكن أن تتوحد ولا أن تتقدم إلا إذا أبعدت الدين ورجال الدين عن الحياة وشؤون الحياة وأخذت بأسباب التقدم كما فعل الأوروبيون فلم ينهضوا ولم يتقدموا إلا حينما أبعدوا الدين، أجبت بسرعة بما يقتضيه المقام وما يتسع له الوقت على هذا السؤال، ولكن فكرت أن نجعل هذا الموضوع هو موضوع هذه الخطبة، عجيب أن يقول ذلك مسلم وأن يطالب مسلم بصراحة وبوضوح بإبعاد الدين وعلماء الدين عن الحياة
مسلم يطالب بإبعاد الدين عن الحياة
الذي حدث مع الغربيين
حضارة تقوم على العلم والإيمان
ماذا جنينا من وراء الحكم العلماني؟
الدين فطرة الله
أعزنا الله بالإسلام
ماذا استفادت الأمم التي أغرقت في العلمانية؟
الله أكبر صنعت العجائب
أطالب الحكومات أن يستفتوا الناس
الإسلام محرِّك مفجِّر
--------------------------------------------------------------------------------
أين أمة الإسلام عما يجري في كوسوفو؟
نشكو كل ذلك إلى الله
لابد أن نقف مع إخواننا في كوسوفو
مسلم يطالب بإبعاد الدين عن الحياة
أيها الأخوة المسلمون في برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة في الحلقة الماضية فوجئت بسؤال عجيب من أحد المشاهدين في أبو ظبي كنا نتحدث عن وحدة الأمة الإسلامية فقال هذا السائل المشاهد إن أمتنا لا يمكن أن تتوحد ولا أن تتقدم إلا إذا أبعدت الدين ورجال الدين عن الحياة وشؤون الحياة وأخذت بأسباب التقدم كما فعل الأوروبيون فلم ينهضوا ولم يتقدموا إلا حينما أبعدوا الدين، عزلوا الدين ورجال الدين عن شؤون الدولة والمجتمع وشؤون الحياة عامة ونحن لا أمل في أن ننهض ونرقى ونتقدم إلا إذا فعلنا مثلما فعلوا وأبعدنا الدين ورجاله عن الحياة .. أجبت بسرعة بما يقتضيه المقام وما يتسع له الوقت على هذا السؤال، ولكن فكرت أن نجعل هذا الموضوع هو موضوع هذه الخطبة، عجيب أن يقول ذلك مسلم وأن يطالب مسلم بصراحة وبوضوح بإبعاد الدين وعلماء الدين عن الحياة، لو قال بإبعاد التديُّن الخرافي أو قال بإبعاد التديُّن المغلوط الذي يمارسه بعض الناس أو بالأفهام الخاطئة لبعض علماء الدين لكان هذا أمراً مقبولاً أما أن يطالب بإبعاد الدين وعلماء الدين الذين سماهم رجال الدين وليس في الإسلام شيء اسمه رجال الدين كل مسلم رجلٌ لدينه، هناك أديان فيها رجال دين رجال كهنوت، وعندنا ليس هناك رجال كهنوت هناك علماء في الدين متخصصون في أمر الدين كما يوجد علماء متخصصون في الهندسة وفي الطب وفي الاجتماع وفي علم النفس وفي غيرها، يوجد علماء متخصصون في الدين يسألون فيما يُشكل على الناس (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، (فاسأل به خبيراً)، (ولا ينبئك مثل خبير)، ماذا يريد هذا الإنسان وأمثاله موجودون في حياتنا، يريدون لأوطاننا ولشعوبنا أن تسير في خط العلمانية الذي يعزل الدين عن الحياة والحياة عن الدين، أن تسير الحياة بمعزل عن هداية الله وهدي رسوله أن تسير مطلقة السراح لا تشريع يلزمها، ولا توجيه يهديها ولا تتصل أرضها بالسماء، بل هي سائبة تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، هذا ما يريده هؤلاء، هل يمكن هذا؟ هل يمكن أن تسير الحياة بغير دين؟
الذي حدث مع الغربيين
الواقع أن الغربيين حينما ثاروا على الدين لم يثوروا على دين الله الذي أنزله على رسله، إنما ثاروا على دين الكنيسة المحرَّف، هذا الدين الذي اعتمدته الكنيسة في عصورها الوسطى في أوروبا فوقفت مع الجهل ضد العلم، ووقفت مع الخرافة ضد الحقيقة ووقفت مع الملوك ضد الشعوب ووقفت مع الإقطاعيين ضد الفلاحين ووقفت ضد كل تقدم وكل إبداع وكل فكر حر وصنعوا ما عُرف بمحاكم التفتيش التي اعتبرت كل اختراع يخترعه مخترِع وكل علم يصل إليه مبتكر اعتبرت هذا ضد الدين وضد المقدسات اعتبرته هرطقة وإلحاداً، الأشياء التي كان يدرسها المسلمون في مدارسهم ومعاهدهم مثل كروية الأرض حينما وصل من وصل من علمائهم إلى كروية الأرض اعتبروه خرج عن الدين ومرق منه، وهكذا كانت هناك فظائع تقشعر منها الأبدان، حتى أنهم حاكموا بعض الناس بعد موتهم وأحرقوا جثثهم، فعلوا الأفاعيل أفانين التعذيب التي لم يفعلها البشر طوال تاريخهم ارتكبتها محاكم التفتيش ولذلك حينما مسَّ أوروبا قبس من الشرق الإسلامي فنهضوا بعد عثرة وتقدَّموا بعد تخلُّف واستيقظوا بعد سُبات عميق وبدأوا يأخذون بأزِمَّة العلم التجريبي تركوا منطق أرسطو وقياس أرسطو ومشوا في طريق الاستقراء والتجريب وهذا منهج أخذوه من المسلمين باعتراف مؤرخي العلم عندهم بستاف لوبون ودرابر وبريفولت وجورج سارتون وغيرهم قالوا إن هذا المنهج أُخِذ من الحضارة العربية الإسلامية ليس مبتكره هو روجر بيكون ولا فرانسيس بيكون إنما أخذوه من حضارة العرب والمسلمين نهض القوم واستيقظوا ووجدوا هذه العقبة في طريقهم الدين ورجال الدين، فثارت الجماهير على هؤلاء وكانت الصيحة السائدة في ذلك الوقت "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس" لا مكان للملوك الظالمين ولا للقُسس المنافقين المؤيدين لهؤلاء الجبارين، هذا ما صنعه الغرب وفرض العلمانية على الحياة، عزل الدين أي الدين الذي يعوق الحياة ويعطِّل المسيرة ويؤخر التقدم فهل نحن عندنا مثل هذا؟
حضارة تقوم على العلم والإيمان
هل نحن المسلمين عندنا ما يعوق التقدم ويعرقل التطور ويمنع العلم أن يأخذ نصيبه في الحياة؟! لا والله الدين عندنا علم والعلم عندنا دين لم يقم في تاريخنا صراع حقيقي بين الدين والعلم أو بين العقيدة والفكر أو بين الشريعة والحكمة، لقد وجدنا في تاريخنا حضارة تقوم على العلم والإيمان تؤاخي بين العلم والإيمان وهذا هو شأن القرآن، القرآن يقوم على أن العلم خادم الإيمان وقد وجدنا في قصص القرآن ما يؤيِّد هذا .. سليمان عليه السلام حينما أراد أن يأتي عرش بلقيس من اليمن إلى الشام وقال لملأه (أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين) أراد سليمان أن يكون هناك ما هو أسرع من هذا (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) قبل أن تغمض عينيك وتفتحها آتيك به بواسطة علم من الكتاب معناها أن العلم يجعل الإنسان أقوى من الجن فالذي أعطاه الله من وسائل القوى ما لم يعطه البشر، فلما جيء بعرش بلقيس قال سليمان (فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) هذا هو الإيمان مع العلم، وهذه هي حضارة الإسلام، حضارة العلم والإيمان معاً، كان كثير من علمائنا المشهورين في الجوانب العلمية الطب والفلك والرياضيات وغيرها كانوا علماء دين، ذكرت لكم في خطب سابقة أن الفخر الرازي صاحب التفسير المشهور وصاحب الكتب الأصولية والفقهية وغيرها، قالوا كانت شهرته في الطب لا تقل عن شهرته في علوم الدين، والقاضي ابن رشد وهو أحد قضاة الشرع المالكيين وصاحب كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" في الفقه المقارن هو نفسه صاحب "الكليات" كتاب "الكليات" في الطب الذي ترجم إلى اللاتينية وكان مرجعاً للأوروبيين عدة قرون، هكذا كانوا، مخترع علم الجبر الخوارزمي اخترعه ليحل به بعض مسائل الميراث والوصايا ولذلك نصف رسالته فقهية ونصفها رياضية هذه هي حضارتنا.
ماذا جنينا من وراء الحكم العلماني؟
من قال أن الدين عندنا يعوق العلم أو التقدم بالعكس نحن منذ أن دخل الاستعمار بلادنا يحكمنا حكماً علمانياً، أبعد الشريعة عن الحياة لا نحكم بالشريعة إلا في أمور الزواج والطلاق والرضاع في معظم البلاد الإسلامية، ماذا جنينا من وراء الحكم العلماني، لازلنا في مؤخرة الشعوب وقد كنا في المقدمة، في مأخذ الزمام من القافلة البشرية، للعلامة أبي الحسن الندوي رسالة صغيرة لطيفة مركَّزة اسمها "المد والجزر في تاريخ الإسلام" بيَّن فيها بالأدلة التاريخية الموثَّقة أنه كلما كان المسلمون أقرب إلى شرع الله وإلى الحكمة به وإلى العمل بتوجيهاته كانوا أكثر ازدهاراً وأكثر قوة وأكثر انتصاراً على أعدائهم وكلما بعدوا عن هذا الدين كلما تأخَّروا كلما تخلَّفوا كلما انهزموا كلما انفرط عقدهم، هذا ما يقوله التاريخ انظر إلى فترة الخلفاء الراشدين، المد الإسلامي والفتح الإسلامي، انظر أفضل فترة في عهد الأمويين فترة عمر بن عبد العزيز الذي أقام العدل ووضع الأمور في نصابها وحارب الجور والظلم والبدع وأعاد سنن الراشدين، انظر في عهد العباسيين تجد فترة الرشيد والمأمون من أخصب الفترات في تاريخنا وقد بيَّن العلامة ابن خلدون أن الرشيد لم يكن كما يحكى الحكائون وكما يقرأ بعض الناس في ألف ليلة وليلة وأخذوا فكرة عن هارون الرشيد أنه رجل متسيب، قال لا .. لقد نشأ نشأة إسلامية، ودلَّل على ذلك بأدلة تاريخنا لا يرتقي إليها الريب في أن الرجل كان مسلماً، وكان يغزو عاماً ويحج عاماً، وفي العام الذي لا يحج فيه يبعث بثلاثمئة عالِم يحجون، هكذا كان هؤلاء، رأينا في عصر نور الدين محمود الشهيد وصلاح الدين الأيوبي هؤلاء الذين أعادوا للأمة كيانها من جديد ووقفوا ضد الحروب الصليبية، كان هؤلاء أقرب ما يكونون إلى الإسلام، الرجل الذي انتصر على التتار في المعركة الحاسمة التي لم تقم لهم بعدها قائمة معركة عين جالوت هو سيف الدين قطز وكان رجلاً من الصالحين العباد، كلما اقترب المسلمون من الإسلام انتعشت حالتهم وازدهرت قوتهم واتحدت كلمتهم، هذا ما يقوله التاريخ فكيف نريد أن نجرِّد الأمة من سر قوتها، من مصدر عزتها؟!
الدين فطرة الله
الدين جوهر الحياة وسر الوجود لكل الناس، الدين فطرة الله التي فطر الناس عليها، ليس الدين أمراً مفروضاً على الناس من الخارج بل هو نابع من داخلهم، من فطرتهم خصوصاً الدين الحقيقي كل مولود يولد على الفطرة، فطرة التوحيد فطرة الإيمان بالله الواحد، هذا الدين كيف نجرِّد الإنسان منه، بعض فلاسفة أوروبا حتى الذين لم يكونوا يؤمنون بالله كانوا يؤمنون بالإيمان بالله، يقولون: لو لم يكن الله موجوداً لوجب علينا أن نخلقه حتى تستقيم الحياة، لأنه لا يمكن أن يحيا الناس بغير دين، وقال بعضهم: لِمَ تشكِّكون في وجود الله، ولولا وجود الله لخانتني زوجتي وسرقني خادمي، أي الإيمان هو الذي يضبط الحياة يردع الناس عن الشر يبعث الناس على الخير، هذا في الدين عامة فكيف بدين الإسلام خاصة، الدين الذي ختم الله به الرسالات وأتم به النبوَّات وبعث به خاتم النبيين ليتمم مكارم الأخلاق، هذا الدين ضرورة للحياة، ضرورة للفرد ليطمئن ويسعد، وضرورة للمجتمع ليتماسك ويرقى، وضرورة للأمة كلها لتتحد على هدف عظيم وضرورة للإنسانية كلها، الإسلام ضرورة للحياة، الإسلام هو الذي أنشأ العرب من عدم، هو الذي أحياهم من موات وجمعهم من شتات، وعلَّمهم من جهالة وهداهم من ضلالة وأعزهم من بعد الذلة، وكثَّرهم بعد القلة وأخرجهم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ماذا كان العرب قبل الإسلام؟ لم يكن لدى العرب فلسفة كفلسفة اليونان، ولا تشريع كتشريع الرومان ولا تمدُّن كتمدُّن الفرس، ولا حكمة كحكمة الهند ولا صنعة كصنعة الصين، الصنعة التي برعوا فيها وتفوَّقوا فيهاهي صنعة البيان والكلام والشعر وفنون القول أما ما عدا ذلك فكانوا رعاة للإبل والغنم ما الذي أخرجهم ونقلهم من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم، ما الذي بوأهم مكان الأستاذية للبشرية، وجعلهم شهداء على الناس أمة وسطاً، خير أمة أخرجت للناس ما الذي أعطى العرب هذه المكانة إنه الإسلام، إنهم بالإسلام صاروا شيئاً جديداً بعد أن كانوا كما قال الله تعالى (وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) وأي ضلال من أن تفسد عقولهم حتى يعبدوا الحجارة، فإذا لم يجدوا حجراً كما قال أبو رجاء العطاردي: إذا وجدنا حجراً عبدناه فإذا وجدنا حجراً أحسن منه ألقينا الأول وعبدنا الثاني، فإذا لم نجد حجراً حثونا حثيات من تراب وحلبنا عليها من شاة وصوَّرناها فاتخذناها إلهاً، فسدت العقول إلى هذا الحد، وفسدت القلوب والعواطف إلى حد وأد البنات وهن في حالة الحياة، الأب يقتل أولاده وفلذة كبده حتى لا يأكلوا معه، أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، وليته يقتله بالسيف ويريحه ولكن يحفر له حفرة فيئده فيها حياً (وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت)..
أعزنا الله بالإسلام
ما الذي أخرج العرب من هذه الوهدة ونقلهم هذه النقلة الكبرى وجعلهم قادة الأمم وفتح بهم العالم إنه الإسلام، الإسلام الذي أشعرهم بكيانهم وبوجودهم وجعل لهم دعوة يخاطبون بها الناس كما عبَّر عن ذلك ربعي بن عامر حينما لقي رستم قائد جيوش الفرس وسأله رستم: من أنتم وما الذي أخرجكم من بلادكم؟ قال له: "نحن قوم ابتعثنا الله لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام"، لخَّص فلسفة الإسلام، لخَّص الأهداف الكلية الكبرى للإسلام في هذه الكلمات، هذا الرجل الذي لم يدخل مدرسة ولم يتعلم في جامعة، ولكنه تعلم في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، ففهم منها أهداف دعوته ومقاصد رسالته، عمر بن الخطاب حينما جاء في رحلته التاريخية المثيرة من المدينة إلى القدس إلى فلسطين ليتسلم مفاتيح القدس كما قال باطريركها الأكبر، في الطريق قابلته مخاضة منـزل وشمَّر عن ثيابه، وخلع نعليه وخاض هذه المخاضة أمام الجنود وأمام الناس وقال له أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين ليتك لم تفعل هذا نحن في بلاد تؤمن بالمظاهر وبهذه الأشياء ما كنا نحب أن تنـزل فقال له: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نحن كنا أذل قوم فأعزَّنا الله بالإسلام فمهما نلتمس العِزة بغيره أذلَّنا الله" أعزنا الله بالإسلام، هذه أمة صنعها الإسلام، صنع عقولها صنع مشاعرها صنع ضمائرها صنع شبابها وشيوخها صنع رجالها ونساءها غيَّرها خلقاً آخر حينما مسَّتها نفحة الإسلام حينما خالطت قلوبها بشاشة الإيمان أصبحوا أناساً جُدداً، الصحابة الذين نقرأ تاريخهم ولم تر عين الدنيا أمثالهم هذا الجيل الرباني القرآني المحمدي الفريد، هذا الجيل صنعه هذا الدين، لو نظرت ما بين جاهليتهم وإسلامهم وجدت فرقاً شاسعاً، انظر إلى عمر بن الخطاب في الجاهلية وعمر بن الخطاب في الإسلام ترى بَوناً شاسعاً وفرقاً بعيداً، الإسلام هو الذي صنع هذه الأمة، هل يراد لنا أن نتخلى عن هذا الدين!!
ماذا استفادت الأمم التي أغرقت في العلمانية؟
ماذا نستفيد بتخلينا عن هذا الدين وماذا استفادت الأمم التي أغرقت في العلمانية، وأخذتها بكل حذافيرها مثل تركيا، تركيا بلد الخلافة الإسلامية، ثار حُكَّامها على الإسلام، وعزلوا الإسلام عن الحياة تماماً، فرَّغوا الثقافة والإعلام والتعليم والتربية والتقاليد والقوانين من الإسلام حتى القوانين الأسرية قوانين الأحوال الشخصية التي بقيت في كثير من البلدان، هذه لم يبقوها، أجازوا للمسلمة أن تتزوَّج بغير المسلم، سوَّوا بين الذكر والأنثى في الميراث، حرَّموا الطلاق وتعدد الزوجات ..الخ، لم يبقوا شيئاً حتى الحرف العربي الذي كانت تكتب به اللغة التركية حرَّموه وكُتبت بالحروف اللاتينية ليعزلوا الأجيال الجديدة عن التراث الإسلامي المكتوب بالحروف العربية، حتى الأذان منعوا الأذان باللغة العربية، وفعلوا ما فعلوا، حرموا على المرأة المسلمة أن تلبس الحشمة فرضوا على الناس أن يلبسوا القبعة، حتى المشايخ في المساجد يحرم عليهم أن يلبسوا العمامة أو الجُبَّة، وكل إمام هناك له حجرة فيها جُبَّة وعمامة يلبسها حينما يدخل ويخلعها قبل أن يخرج لا يباح له أن يلبسها، ماذا فعلت تركيا بهذا؟ تُعبِّر عن ذلك كاتبة تركية فتقول: "كنا أول دولة في الشرق أصبحنا آخر دولة في الغرب"، هذا ما جنته تركيا، لم تدخل العصر النووي ولم تتقدَّم وحتى هي ليست آخر دولة في الغرب، الغرب في حقيقة الأمر لا يعترف بها ويقول أن ثقافتها مخالفة لثقافتنا، أي أن جذورها إسلامية، وكل ما في الأمر أن هناك صراعاً بين الجذور الأصلية وبين هذه الطوارئ العارضة، والجيش هو الذي يحمي العلمانية، يحارب مجرد حفظ الأطفال القرآن، لا يجوز أن يحفظ الأطفال القرآن، نحن هنا في بلاد الخليج وفي مصر وفي غيرها نشجِّع حفظ القرآن، نعمل مسابقات لحُفَّاظ القرآن ونعطي جوائز لأهل القرآن وهم يعتبرون المدارس القرآنية خطراً على العلمانية، هل يريد هؤلاء الذين يطالبون بعزل الدين وعزل علماء الدين عن الحياة أن نسير كذلك، هل يريدونا أن نسير كما يسير الغرب في فلسفة المادية الكافرة، وفلسفة الإباحية الفاجرة، وأن نسير خلف مبادئه التي رأيناها تبيح الحرام وتحرِّم الحلال، حتى إنهم أجازوا أن يتزوج الرجل الرجل وتتزوج المرأة المرأة، وتبارك ذلك الكنيسة للأسف وتصدر بذلك قوانينهم، ورأينا أندية العُراة والشُذَّاذ وجمعيات الشُذَّاذ الذين أصبح لهم كيان ووجود ونفوذ ويؤثِّرون في الانتخابات، هذا ما يراد لنا نحن المسلمين.
الله أكبر صنعت العجائب
إن الدين هو جوهر الحياة والإسلام خاصة هو الذي جمع الله فيه خلاصة الدين الحقيقي الذي أنزل الله به كتبه وبعث به رسله وجعل فيه سر الوجود وسعادة الحياة، لا يمكن أن يسعد الإنسان بغير دين ولا أن يرقى بغير دين ولا أن يستقر بغير دين، ولا يمكن أن ننهض نحن في حياتنا وأن نلحق بالركب في عصرنا إلا إذا احتضنَّا الإسلام، نحن متخلفون كثيراً وكثيراً وكثيراً عن غيرنا، هم الآن في عصر الثورات العلمية الثورة التكنولوجية والثورة البيولوجية والثورة الفضائية والثورة الإلكترونية، وثورة الاتصالات وثورة المعلومات أين نحن من هذا كله، نحن بعيدون بعيدون كيف نستطيع أن نعوِّض ما فات ونلحق بالركب لا يمكن إلا إذا كانت لأمتنا رسالة ولها هدف تستطيع أن تعمل وتضاعف العمل من أجل هذا الهدف الذي تؤمن به ولا يمكن أن يكون لأمتنا رسالة غير رسالة الإسلام، ولا هدف أكبر من العمل لنصرة الإسلام وتحقيق الإسلام هذا هو الذي يمكن أن ينهض بأمتنا، وقد جرَّبنا في تاريخنا المعاصر أحداثاً ذات دلالة، دخلنا في سنة 1967م 5 حزيران أو 5 يونيو حرباً انتهت بهزيمتنا فتحت الطريق، كان الطريق مفتوحاً أمام إسرائيل لتصل إلى القاهرة ودمشق، وجربنا حرباً أخرى في 1973 في السادس من أكتوبر 73 أو العاشر من رمضان سنة 1393هـ كان شعار الحرب الأولى: بر بحر جو، فلم ننتصر في بر ولا بحر ولا جو وكان شعار الحرب الثانية: الله أكبر، الله أكبر صنعت العجائب، ولهذا نرى أنه لا يمكن أن ينتصر شعبنا، تنتصر أمتنا إلا إذا استمسكت بعُرى الإسلام، يوم خرجت الانتفاضة التي كانت تسمى في أول أمرها ثورة المساجد لأنها انطلقت من مساجد غزة ترفع المصاحف وتنادي الله أكبر الله أكبر وينادي أطفالها خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود، يوم انطلقت هذه الحجارة لم يقف أمامها شيء.
أطالب الحكومات أن يستفتوا الناس
إذا أردنا أن نحيي أمتنا أن نجعل من أمتنا شيئاً كبيراً يستطيع أن يغير من واقعنا الأليم لابد أن نعتمد على الإسلام، بغير الإسلام لا حياة لنا، بغير الإسلام لا وحدة لنا، بغير الإسلام لا عزَّة لنا، بغير الإسلام لا انتصار لنا، إني أعجب من أولئك الذين يريدون أن يجرِّدونا من الإسلام، والإسلام مطلب جماهيري الإسلام ليس شيئاً يفرضه حاكم أو يفرضه الاستعمار، الشعوب هي التي تطالب بالإسلام، لو تُركت الشعوب لحريتها ولإرادتها ما اختارت غير الإسلام، ولكنها مقهورة في معظم البلدان .. استفتِ الناس، أطالب الحكومات العربية والإسلامية أن يستفتوا الناس على هذا الأمر، ماذا تختارون شروع الله أم قوانين الناس؟ تختارون القرآن أم غير القرآن؟ نريد أن يُسئل هذا السؤال في كل العالم الإسلامي، لن يختار الناس إلا الإسلام وأنا أقصد بالناس الجمهور الأعظم، ستكون هناك قلة لا وزن لها إنما أنا أقول الجمهور الأعظم لا يمكن أن يختار إلا الإسلام، بل حتى تلك القلة لا تستطيع أن تجاهر وترفض لأنها إذا فعلت ذلك سقطت أمام الجمهور الأعظم من الناس وهي تريد أن تنافقه وتتملَّقه وتكسب رضاه وتخطب ودَّه، حتى هذه القِلَّة لا يمكن أن تقول نرفض الإسلام، الإسلام هو غايتنا هو الركن الركين الذي نستند إليه هو الحصن الحصين الذي نلوذ به نقبل أن يُقال نرفض الإسلام الذي سماه الشهد سيد قطب" الإسلام الأمريكاني" الإسلام الذي يسير في ركاب الظالمين، الإسلام الذي يفرِّخ الفتاوى للطغاة والمستبدين، الإسلام هذا الذي يشتغل بالأمور الصغيرة ويسكت عن الأمور الكبيرة، كلما يفتي فيه طول اللحية وقصر الثوب ويترك إقامة العدل وتوفير الكرامة للإنسان وإعطاء كل ذي حق حقه، والتنمية الشاملة للمجتمع ووجود الأمة الإسلامية، وقضايا الإسلام الكبرى في فلسطين وفي كوسوفو وفي كشمير وفي غيرها، هذا الإسلام هو الذي نرفضه، هذا هو الإسلام المنوِّم، إنما الإسلام ليس منوِّماً ولا مخدِّراً، ولا أفيوناً..
الإسلام محرِّك مفجِّر
الإسلام الحقيقي هو محرِّك الجماهير ومفجِّر طاقاتها، الإسلام يجعل من المسلم بطلاً ويجعل له جندياً مقاتلاً ويجعل منه إنساناً عزيزاً يعتز بعزة الله، (من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً)، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)، الإسلام هو الذي يعلِّم المسلم "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودِّع منهم" الإسلام هو الذي يعلِّم المسلم (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) هذا هو الإسلام محرِّك مفجِّر، ذهب أحد العلماء يوماً إلى أحد الملوك فوعظه وزجره، فقال له بعضهم: كان أولى بك أن تحاول إرضاءه وكذا، قال: لا كيف أفعل ذلك، وأنا أقرأ كل يوم في قنوتي ـ وكان العلماء الحنفية ـ نشكرك اللهم ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك" قنوت ابن مسعود "نشكرك اللهم ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك" هذا هو الإسلام، لا يمكن أن تنهض أمتنا ولا أن ترقى أمتنا ولا أن تتوحد أمتنا ولا أن تقوم بدورها في الحياة ولا أن تحرِّر أرضها ولا أن تفرض رسالتها إلا إذا تمسَّكت بالإسلام بالعروة الوثقى لا انفصام لها فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم.
أين أمة الإسلام عما يجري في كوسوفو؟
أيها الأخوة المسلمون كلنا نتابع ما يجري في كوسوفو وما يقع لألبان كوسوفو كلنا نتابع هذه المجزرة البشرية البشعة، التي تحدث في كل يوم وفي كل ساعة، لن تغني طائرات حلف الناتو شيئاً عن المسلمين بل كانت نكبة عليهم ولا ندري لحساب من هذا؟ هل يريد حلف الناتو أن ينقذ المسلمين حقاً أم يتركهم ضحايا تفترسهم أنياب العرب المتوحشين، هذا ما نراه للأسف، الناتو يضرب المطارات وهذه الأشياء ويترك المسلمين لا حول لهم ولا طول ولا سلاح في أيديهم، ولا قدرة لديهم ازداد الأمر عليهم، ازدادت المذابح، يُذبَّحون بالعشرات والمئات وترمى الجثث في الشوارع، الأبكار تُفتض في بيوتها النساء تُغتصب، الأطفال تُذبَّح، المدرِّسون يُذبَّحون أمام طلابهم في المدارس والآباء يُذبَّحون أمام أبنائهم في البيوت ماذا يجري؟ ما الذي يجري؟ أنحن على مشارف القرن الحادي والعشرين كما يقولون! وللأسف نرى بعض العرب يدافعون عن اليوغسلاف ويزعمون أن هؤلاء مسلمون يطلبون الانفصال، ينفصلون عن شعبهم وعن أمتهم، أي أمة تقتل أبناءها بهذه الطريقة؟ أيمكن لحكومة ما أن تبيد جزءاً من شعبها بهذه الطريقة؟ هذا يدل على أنه لا علاقة بين هؤلاء وهؤلاء، إنه الذبح الجماعي مقابر جماعية وجثث تلقى في الشوارع وفي الأنهار، ما الذي يجري؟ ونحن صامتون نحن العرب ونحن المسلمين صامتون صمت القبور، كأن الأمر لا يعنينا، كأنه لا تربطنا بهؤلاء عقيدة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" كأنه لا نقرأ قول الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) كأننا لا نقرأ قول رسوله "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، "المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم" أين أمة الإسلام؟ أين المليار وثلث المليار من البشر المسلمين؟ أين هؤلاء الذين رأيناهم منذ أيام في عرفات؟ أين هؤلاء الذين يشتركون في هذا الدين ويشتركون في شعائره ومشاعره، ألا توجد أمة إسلامية تستصرخها هذه النكبات المتوالية التي تذيب الحجر؟ أين المسلمون أيها الأخوة؟!
نشكو كل ذلك إلى الله
إننا نشكو إلى الله دماء سُفِكت، نشكو إلى الله أعراضاً هُتِكت، نشكو إلى الله حرمات انتُهِكت، نشكو إلى الله أطفالاً يُتِّمت ونساء ترمَّلت وأمهات أثكلت ومساجد دُمِّرت وبيوتاً خُرِّبت، نشكو إلى الله ما يجري لإخواننا ونحن لم نمد إليهم حتى ولا يد المساعدة بالمال، لم أر جمعية خيرية ولا هيئة هلال أحمر ولا مؤسسة رسمية ولا صندوقاً للزكاة ولا شيئاً من هذا يرفع صوته وينادي للناس تبرعوا لإخوانكم، وهذا أقل ما ينبغي لهؤلاء الذين يُعمل الآن على محو هويتهم، يُحرِقون أرشيف القوم شهادات الميلاد عقود الزواج وثائق التملك، شهادات المدارس، البطاقات الشخصية، الجوازات كل هذه الأشياء تُحرَق وتُدمَّر حتى لو عاد هؤلاء لا يجدون شيئاً يثبت من هم؟ ما هي هويتهم حتى القرى تُحرق وتُباد تماماً، أين المسلمون؟ لماذا لا يصرخ المسلمون، أين هذه الأمة؟ أين المعتصم الذي قيل في الزمن الماضي: وامعتصماه، فقال: لبيك أختاه لبيك، الأمر ليس أمر امرأة تستصرخ وإنما أمر شعب يُباد بأكمله، يُهجَّر بمئات الآلاف إلى الدول المجاورة، وقد نظرت إلى هؤلاء المساكين فإذا هم شيوخ كبار ونساء وأطفال وليس فيهم شاب، الشباب إما قُتِلوا أو اعتُقِلوا، وإما يحاولون أن يفعلوا شيئاً فلا يجدون سبيلاً، أين أمة الإسلام؟ أين أمة القرآن؟ أين أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ يا مسلمون يا أتباع محمد يا هذه الأمة استيقظوا من سباتكم واحيوا من مواتكم، لا يمكن لهذه الأمة أن تسكت على ما يجري في كوسوفو إلا أن تكون قد تركت دينها، إلا أن يكون الدين لا شأن له عندها، وهذا ما لا يكون، لازالت الأمة مؤمنة بربها وقرآنها ومحمدها، لازالت هذه الأمة تعيش بالإسلام وللإسلام، مهما جرى عليها ما جرى.
لابد أن نقف مع إخواننا في كوسوفو
أنا أدعو إخواني المسلمين هنا في قطر وفي كل مكان يصل إليهم صوتي هذا أن يقفوا وقفة الرجال، يقفوا وقفة الأبطال لنصرة إخوانهم هؤلاء لا ينبغي أن نخذل إخواننا وهم في حاجة إلى نصرتنا، لا ينبغي أن نبخل بأموالنا وهم في حاجة إلى كل ما يعينهم على الحياة، الآن يقولون أنهم يحتاجون إلى اللقمة، يحتاجون إلى ما يقيم الأود، وما يمسك الرمق، معرَّضون لمجاعة لا يجدون ما يقوتون منه ومما ذكرته الأنباء أنهم يتخذونهم دروعاً بشرية إذا جاء حلف الناتو ليضربهم، هؤلاء هم الذين يحمونهم لأن دماء المسلمين أصبحت أرخص الدماء، لم تعد دماء المسلمين غالية كما كانت في الزمن الماضي، هان المسلمون على أنفسهم فهانوا على الناس وكما قال الشاعر:
لعمرك لم تكرم على أحد بعدي
سأكرم نفسي إنني إن أهنتها
أسأل الله تبارك وتعالى أن يشد أزر إخواننا في كوسوفو وأن يعينهم على أعدائهم وأن يبطل مكر أولئك الأعداء وأن يرد كيدهم في نحورهم ويعيد سهامهم المسمومة إلى صدورهم، اللهم انصرنا على أعدائك أعداء الإسلام، اللهم انصرنا على الصربيين المتوحشين، وانصرنا على اليهود الغادرين، وانصرنا على الصليبيين الحاقدين، وانصرنا على الطغاة الجبارين، وانصرنا على جميع أعدائك أعداء الدين، اللهم رُدَّ عنا كيدهم، وفُلَّ حدَّهم، واذهِب عن أرضك سلطانهم، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين، ولا تدع لهم سبيلاً على أحد من عبادك المؤمنين .. اللهم آمين.
الخميس مايو 26, 2011 2:12 am من طرف الكينج
» عزاء واجب
الخميس مايو 26, 2011 2:10 am من طرف الكينج
» * تستعد فرقه المسرحجيه لعرض مسرحيه طريق الخلاص اعداد واخراج عادل جمعه *
الأحد أبريل 03, 2011 12:47 am من طرف الكينج
» المخرج عادل جمعه
السبت أبريل 02, 2011 3:23 am من طرف الكينج
» لحظات فى عيون شهداء 25 يناير بقلم / حسين محمود
الأحد مارس 06, 2011 1:06 am من طرف الكينج
» سجين نفسى (( اهداء للصحافة الاعلام المصرى ))
الأحد مارس 06, 2011 1:04 am من طرف الكينج
» يوم الثورة
الأحد مارس 06, 2011 1:01 am من طرف الكينج
» .. الخلطة السرية للوصل الى الديمقراطية
الأحد مارس 06, 2011 12:59 am من طرف الكينج
» النقد المسرحى و مسرح الهواة
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:57 pm من طرف الكينج
» «مملكة النمل».. يكشف القضية الفلسطينية
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:50 pm من طرف الكينج
» مسرح الهواة.. الاستراتيجية والمنهج
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:47 pm من طرف الكينج
» الشافعي يعيد "جمال عبد الناصر" مع "عشاق النيل"!
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:42 pm من طرف الكينج
» حاليا على مسرح قصر ثقافة السلام
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 12:14 am من طرف الكينج
» حصرياً - فيلم الكوميديا الرائع ( سمير وشهير وبهير ) نسخه جديده ts.hq أفضل وضوح - بحجم 200 ميجا - وعلى أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 4:04 pm من طرف الكينج
» بإنفراد تام أسطورة الكوميديا عادل إمام فى فيلم العيد وقبل العيد زهايمير بجودة خرافية وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:57 pm من طرف الكينج
» بإنفراد : نجم الكوميديا الأول أحمد حلمى و فيلم العيد الرهيب بلبل حيران . بجودة High CAM وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر .
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:54 pm من طرف الكينج
» حصريا .. أحدث ألعاب كرة القدم والتاكتيك . Fifa Manager 2011 بمساحة 2.4 جيجا فقط على أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:49 pm من طرف الكينج
» لعبة المتعة والاثارة .. Creatures Exodus نسخة فل ريب بمساحة 170 ميج فقط ..
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:46 pm من طرف الكينج
» لعبة الاكشن والمغامرات الرائعة :: Alien Breed 3 Descent Repack :: مضغوطة بحجم 353 ميجا فقط
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:42 pm من طرف الكينج
» مسرح الهواة
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 12:59 am من طرف الكينج