محرقة بنى سويف

محرقة بنى سويف الجديدة

يبدو أن قضية محرقة بنى سويف الجديدة، التى سبق وأن كتبنا حولها مراراً وتكراراً، بعد أن كشفتها الزميلة «الفجر» منذ شهور، أصبحت مثل كرة الثلج، كلما تدحرجت كلما تضخمت أكثر، وكشفت من جديد عنن مفاجآت وخطايا وضعناها فى مقال سابق بأنها مؤامرة ضد الوزير فاروق حسنى مباشرة، وها هى كرة الثلج التى بدأت بكذبة كبيرة على النيابة الإدارية وعلى مكتب الوزير فى آن واحد، حينما أرسل السيد المنتدب لرئاسة هيئة قصور الثقافة خطاباً الى كل منهما يؤكد فيه قيامه بتنفيذ حكم المحكمة التأديبية بإحالة المدائنين فى حريق بننى سويف الى المعاش، ثم كشفت الأيام انه لم يقم بهذا التنفيذ ولو لليوم واحد.
وها هو الأمر يتطور، برفع بلاغ الى النائب العام من كل أسر الضحايا، والذى على أساسه أرسل النائب العام خطاباً رسمياً الى مكتب الوزير يسأله الرد على ما جاء فى البلاغ.. وعلى طريقه العمدة الذى يحاول إزاحة الغريق من أمام قريته، أرسل السيد المنتدب لرئاسة هيئة قصور الثقافة خطاباً الى مكتب الوزير معنوناً بـ «سرى جداً» (!!) ما يتصوره رداً شافيا على ما جاء بالبلاغ، وهو الرد الممهور بتوقيع المستشار محمد محمود نائب رئيس مجلس الدولة والمستشار القانونى للهيئة العامة لقصور الثقافة.
الخطاب يحمل من المفاجآت ما يؤكد وصف «المهزلة» على أسلوب القاضى مع هذه القضية الخطيرة، وهنا ـ عزيزى القارئ ـ سنحاول التوقف عند فقرات مهم من هذا الخطاب، لنرى معا كيف يتم التعامل مع القانون فى هيئة يفترض أنها كبرى هيئات وزارة الثقافة.
فى البداية، وعلى طريقة المثل القائل «الجواب ييبان من عنوانه».. تأتى كلمات السيد المنتدب لرئاسة الهيئة والتى خطها فى شكل خطاب الى السيد فاروق عبدالسلام «المشرف على مكتب الوزير) والتى جاءت كمقدمة للرد (القانوني) الذى خطه مستشار الهيئة على خطاب النائب العام، تحمل من الأخطاء وتجاوز الحقائق ما يشير الدهشة والضحك فى آن واحد.. فالرجل يقول وبالنص: «.. نتشرف بأن نرفق لسيادتكم مذكرة السيد المستشار القانونى للهيئة بشأن الرد على صورة العريضة رقم (20597) لسنة 2009 عرائض نائب عام والمقدمة من أهالى الضحايا والمصابين فى حادث مسرح بنى سويف ضد السيد الدكتور أحمد مجاهد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة والسيد/ مجدى شلبى مدير عام الأمن بالهيئة لإصدار قرار رقم (1007) لسنة 2009 بتجديد تعيينه مديراً عاما للأمن بالهيئة على الرغم من إحالته للمحكمة التأديبية»..!!
الى هنا فلابد أن نتوقف قليلاً لنتأمل جملته «.. على الرغم من إحالته للمحكمة التأديبية».. لنرى الى أى حد يحاول السيد المنتدب لرئاسة الهيئة، تصوير الأمر «على انه مجرد اعتراض على تجديد تعيين مجدى شلبى على الرغم من إحالته للمحكمة التأديبية» متناسيا أو متجاهلاً الخطاب الذى أرسله هو نفسه الى النيابة الإدارية والى مكتب الوزير يفيدهما بأنه قام بالفعل بإحالة مجدى شلبى وآخرين الى المعاش بناء على «الحكم الصادر من المحكمة الإدارية».. أى أن الأمر يخص السؤال حول لماذا قال السيد المنتدب إنه نفذ قرار الإحالة فى حين إنه لم ينفذ؟!
والآن وقبل الدخول فى قراءة وتفنيد رأى المستشار القانونى للهيئة، سنتوقف قليلا عند هذا الخطاب لنتأمل تأشيرة كتبت بخط اليد وموقعة باسم المستشار القانونى لوزير الثقافة، ففى هذه التأشيرة ما سيغنينا عن كثير من رد على رأى السيد المنتدب ومستشاره القانوني. التأشيرة تقول وبالنص:
«.. أرى أن يقوم الدكتور رئيس الهيئة بإعداد مذكرة منه للعرض على السيد الوزير مرفقا بها المستندات ومن بينها مذكرة المستشار القانونى للهيئة».. ومعنى هذه التأشيرة ببساطة هو أن الرأى المرسل لمكتب الوزير، لم يقنع السيد المستشار القانونى للسيد الوزير، ولذلك أعاد الرد كما هو مكتفيا بهذا التعليق الذى يقول ضمناً «يا أخوانا ما تكسفوناش.. فيه مستندات ولا مفيش»!!
الملاحظة الأخرى على هذا الخطاب، انه يخلو تماما من توقيع السيد فاروق عبدالسلام، فهو لم يؤشر مثلا بـ «حول الى المستشار القانونى للوزير» أو أى تأشيرة أخري، وهو ما يعنى أن المشرف على مكتب الوزير شعر هو الآخر، أنه آن الأوان بأن ينفض يده عن هذه الورطة التى يزيدها السيد المنتدب تأزماً بردوده وتصرفاته!
فى المقابل قام السيد المشرف على مكتب الوزير، بإرسال الرد كما هو الى السيد المنتدب مرفقا معه خطابا منه يقول فيه وبالنص «.. أرسل رفق هذا رأى السيد المستشار القانونى للسيد الوزير فى ذات الخصوص.. رجاء التكرم باتخاذ ما يلزم فى ضوء ما انتهى إليه السيد المستشار القانونى للسيد الوزير والإفادة».. وهو الخطاب الذى يقول فيما معناه «أرجو الرد على الوقائع مرفق بها مستندات» وهنا يكمن المطب الأساسى للسيد المنتدب، فأين هى المستندات، هل سيرسل مثلاً مستندا خطه المستشار القانونى بنفسه أفتى فيه بـ «عدم جواز التجديد لهؤلاء سواء طعنوا على الحكم أو لم يطعنوا»!!.. أم سيبحث عن مستند جديد، يفيد بأن الخطاب الذى أرسله هو شخصياً الى مكتب الوزير والى النيابة الإدارية يفيدهما فيه انه نفذ قرار المحكمة، واتضح إنه لم ينفذ، انه خطاب غير صحيح مثلاً، أو مدسوس عليه، أو انه لم يقصد، أو انه غرر به.. أو.. أو.. أو..؟!
أما رد السيد المستشار القانونى للهيئة، والذى ارتد إليهم من مكتب الوزير، فهو يحتاج الى مقال آخر لما فيه من الأسئلة التى نتمنى أن يجيبنا عنها السيد المستشار والسيد المنتدب.. إن أرادوا.. فإلى اللقاء فى الأسبوع المقبل.