منذ رحيل المؤلف الساخر ( في المسرح وفي فن الزجل والغناء) أبي السعود الأبيارى عن عالمنا والكتابة المسرحية الهزلية تكاد تكون منتفية من عالم الدراما ومن عالم المونولوج الغنائي والغناء الخفيف الظل أو ما يعرف بفن ( الطقطوقة) .
ولعل ما نبهني إلى غيبة ذلك اللون من التأليف الدرامي والغنائي هي ثلاثة أمور ..
* أولهما: انفراد الفنان سمير غانم في المسرح المصري وربما في المسرح العربي بتقديم ذلك اللون من دراما المساخر ( farce ) فى المسرح المصري والعربي، بعد احتجاب سيد زيان التام عن المسرح والسينما وندرة أعمال محمد نجم، وتوقف كل من يسري الأبيارى وأحمد الأبيارى ( ولي أبي السعود الأبياري) عن إعادة صياغة نصوص أبيهما المسرحية الهزلية التي لا تعتمد على تفجير الضحك من المواقف الدرامية ومفارقاتها. (نحو 300 نص مسرحي فضلا عن سيناريوهات الأفلام السينمائية)
* ثانيها: وقوفي على نص رسالة دكتوراه أحكمها للدكتور (نبيل بهجت) في ٌقرار مطابقة موضوع رسالته للتعيين مدرسا للنقد المسرحي - بقسم المسرح بجامعة حلوان منذ ثلاث سنوات تقريبا – وهي عن مسرح (أبي السعود الأبياري)
* ثالثها: نص مسرحي بعنوان(أنا ناس .. يا هووه) للمؤلف ( ضياء طمان) وهو عضو باتحاد كتاب مصر وكان نائبا لرئيس فرع الاتحاد بالإسكندرية بالانتخاب .
ولعل ما لفت نظري إلى ذلك النص المسرحي الهزلي هو تذييله لعنوان نصه بهذه العبارة : " - مصرحية .. أو مسرحية- كوميديا رمادية - ) مستطردا بعبارة تفلسفية شارحة لمفهوم الكوميديا الرمادية ، يقول: " الكوميديا الرمادية، دراما ساخرة تقدم رؤى ثورية في قالب فانتازي، وكأنها تدرأ المأساة بالملهاة ، تشحذ السكون بالفعل ، تبعث الغضب في البراءة.. الكوميديا الرمادية: حاصل ضرب ( بياض الأمل ء سواد الألم) (النص ،ص3)
• هذه الدراما الهزلية ، ال (farce ): يكشف هذا النص عن تميز في الكتابة الهزلية ، تعيد لذلك اللون من الكتابة إطلالة ضحوك ساخرة من صور التناقض في سلوكيات كانت مقصورة على نماذج للمهمشين في حياة شعبنا المصري في الأربعينيات ، والخمسينيات والستينيات بعد أن غابت عن مسرحنا المصري والعربي انعكاساتها ، برحيل كل من ( أبي السعود الأبياري و جليل البندارى) وتهميش إذاعة مؤلفاتهما الخفيفة والمونولوجية فيما يذاع من مونولوجات لإسماعيل ياسين وشكوكو أو ما يذاع لشادية وغيرهم إلاّ في القليل النادر وفي بعض البرامج الإذاعية التي يحن مقدموها إلى التراث الغنائي ، في زحمة الهجوم الكاسح للغناء المتشابه والمشتبه كلمات ونشاز لا شكل له ولا لون.
هكذا يعيد لنا ضياء طمان الدراما الهزلية التي افتقدناها ، بعد أن أصبح من الندرة بمكان وجود موهبة حقيقية في الكتابة الدرامية الهزلية في المسرح ، وإن كانت موجودة فيما تغرقنا به السينما المصرية من أفلام النجم الهزلي الأوحد الذي يجمع حوله لفيف من الممثلين والممثلات ، بطانة يتلقي إفيهاته ونكاته وقفشاته البذيئة وصفعاته أحيانا.
• من خصائص الكتابة الدرامية الهزلية:
• تعتمد كتابة الهزلية غالبا على كثير من العناصر التي تعتمده كتابة الكوميديا ، ومنها:
• اللغة الافتعالية في لغة الحوار الكلامية ( المسموعة) وفي اللغة غير الكلامية ( المرئية) .
• الانتقال الفجائي غير المبرر في ردود الأفعال ، بما لا يتطابق مع الأفعال ، بهدف خلق موقف كوميدي يستجلب الضحك من أجل الضحك.
• إنسيابية التعبير اللغوي وخفة ظله.
• الإتكاء على القفشات والميل إلى التنكيت
• بداهة الحضور الأدائي في صياغة العبارات بحيث تتيح للمؤدي بعض التصرفات الارتجالية ، بما يتطلبه الموقف في أثناء مواجهة الجمهور.
• الاعتماد على التداعيات اللغوية والتداعيات الحركية والتحريكية أو الحركانية.
• انتقاء شخصيات يشع الظرف من صورتها أو رسمها على ذلك النحو
• الاعتماد على الشخصيات النمطية التي تعادل فكرة أو نموذجا أو وظيفة ، دون اهتمام برسم أبعادها النفسية على وجه الخصوص ، حتى لا تميل إلى الطابع التراجيدي أو التعبيري.
• بناء المواقف على فكرة قلب معني الألفاظ والحركات واللمسات والإشارات إلى المعني النقيض لها بما يؤدي إلى تفجير الضحك
• التلبيس اللغوي قولا أو حركة أو إشارة أو إيماء .
• اللجوء أحيانا إلى خلط الأساليب الفنية
• الاعتماد على التهكم والسخرية ( البرليسك)
• تبادل صور الشخصيات أو قلبها ( تحول صورة الممثل أو الممثلة عن جنسها من ذكر إلى أنثى أو العكس) تبعا لبناء الحدث .
• الميل إلى الإبهار وإضفاء مباهج الحياة حتى في أحلك المواقف وأكثرها بؤسا.
• التعويل غالبا على رسم الشخصيات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا
وقد حفل هذا النص ( أنا ناس .. ياهووه ) بتلك العناصر المشار إليها.
• البنية الدرامية للنص:
• يلخص لنا المشهد الافتتاحي كل العناصر التي أشرت إليها ، فضلا عن إطار العبث باللغة وبمفردات الصورة بما يناقض الصورة الحياتية المنطقية . وهي من حيث المضمون تعكس حياة المهمشين من الموظفين في مصر ، بما يشكل مقاربة مع الصورة الكاريكاتيرية التي ابتدعها في صحفنا المصرية (صلاح جاهين) عن مقهى تنابلة السلطان والصور التي أبدعها كاريكاتيريا كل من أحمد لرجب ومصطفي حسين على الصفحة الأخيرة من جريدة الأخبار:
(" ينفتح الستار على قهوة بلدي مكتوب عليها ( قهوتكو) القهوة خالية تماما من الرواد ... تخرج الممثلة النتي ستقوم بدور ( سعيدة) بزيها العادي. تقرأ على الجمهور الآتي:
" كان طيبا كالقلب، ولما صابوه التقطك أنفاسه والذخيرة، وخرج بنفسه من هناك، ليدخل عليهم ممتطيا نصف حذاء جاره.. خبزه غير طبيعي جدا ورقيق، ولكنه مضطر لاستخدامه دائما بتحفظ مع بعض الأنماط الأخرى من الهم. كان طيبا كالقلب وقد حدث.. وهو يعلم أيضا أنه كذلك شريطة أن يتورع الآخر، ويتقي الله والوطن.. وفجأة تذّرع بالناس ، وبمفرده حل فوازير رجب وشعبان ورمضان وآخرين")
( تخرج الممثلة سعيدة إلى الكواليس ، ويتم فرش المقهى بكراس وترابيزات بواسطة ممثلي رواد المقهى أنفسهم. الجميع يرتدون ملابس بالية بأشكال مختلفة.. ( كمال وكامل) موظفان يجلسان في مكان ظاهر(كامل) يشرب الشاي بصوت عال و( كمال) يدخن الحميّة الشيشة .. كل رواد المقهى بما فيهم كمال وكامل يكلمون أنفسهم بطرائق كوميدية مناسبة .. يدخل الأستاذ أنا ناس صديقهما الموظف أيضا ببدلته البالية التي يرتدي معها كرافته غريبة.. حذاء ( أناناس) فردة بيضاء والأخرى سوداء..")
• ألم أشر إلى لغة التداعيات وإلى نمطية الشخصيات وإلى تقنية القلب اللغوي والحركي ، وإلى عدم الترابط بين مفردات التغبير اللغوي والحركي ، فضلا أسلوب التمثيل داخل التمثيل . ويتضح ذلك في تغييب الضرورة الحياتية ، لإحلال الضرورة الفنية الافتراضية بديلا عنها بظهور ممثلة في مقهى لا رواد فيه لتلقي على الجمهور بيانا يفتقد إلى الترابط المعنوي في لغة بنتفي المنطق في سياقها، فضلا عن الظهور الفجائي للجمهور كرواد لذلك المقهى ، يقومون بإعداد المكان بترتيب المناضد والمقاعد ليتحول الفضاء المكاني إلى فضاء مسرحي يجسد صورة المقهى الشعبي. وبالإضافة إلى ذلك ، اعتماد المؤلف لكشف أصول اللعبة المسرحية ، حيث يتم ترتيب قطع الأثاث المقهوى أمام الجمهور ، بما يكشف عن تعمد خلط الأساليب. والقطع أو الفصل المتعمد بين البيان ( المقدمة أو خطبة العرض) ومقدمة الحدث نفسه. ولغة الحوار السردي على لسات الممثلة في هذه التقديمة تعطي المتلقي انطباعا بعبثية الموقف بغض النظر عن كون المؤلف قد قصد نحا نحو أساليب العبث.
• كذلك عوّل النص على أسلوب التعليقات التهكمية والقفشل\ات ، بما يشف عن ظرف الشخصية ورشاقة تعبيرها الشعبي:
• (" أناناس: (يوشوهما) بيني وبينكو أصل الحكاية متأخره قوي ، وروحي في مناخيري( كمال ينظر في مناخير أناناس)
• كمال: ياخويا أنا مش شابف غير صفين لولي . ياراجل روّق كده ووحد اللاه.
• أناناس: لا إله إلاّ الله.
• كامل: بكره تتعدل.. وح فكرك ..( يهرش في قفاه) مش بكره بالظبط يعني.. في يوم من الأيام.. في سنىة من السنين.. آه ح افكرك.. وإن نسيت ابقى فكرني إنت.. دا لو افتكرت افتكر أقولك .. ابقى فكرني أفكرك ( يضحك ثلاثتهم") (ص10 ) .
• تعتمد البنية الميلودرامية في هذا النص على الانتقالات الفجائية أيضا حيث يتحول رب الأسرة الفقيرة( أناناس) من متصكع على المقاهي بلا عمل ولا قدرة على تحصيل قوت يومه وسد حاجة أسرته إلى لص ، كأولئك اللصوص الذين يقتحمون البنوك على طريقة العصابات التي نشاهدها في الأفلام االبوليسية الأمريكية ، غير أنه يقتحم طابور الحصول على الخبز أمام فرن بلدي وهنو مايكشف عن التصوير المبالغ فيه يلبس أناناس الشراب في رأسه بعد تردد ثم يدخل على مصباح واضعا يده في جيب الجاكته كأنها مسدس)
• مصباح( بسخرية) ياأمه .. الله الله الله .. أنت مين ؟
• أناناس: أنا ( مشيرا لنفسه)؟!
• مصباح: أيوه أنت
• أناناس: ( متلعثما) أنا .. أما مش .. أنا مش أنا .. أنا واحد تاني غيري ( بحزم) ياختصار أنا القشاط .. أنا المنشار.. أنا القضا المستعجل") (ص20) هل يتصور عاقل أن رجلا فنانا عاطلا عن العمل يضطره احتياجه إلى بعض أرغفة من الخبز إلى اقتحام فرن بلدي على طريقة لصوص البنوك في العصابات الأمريكية ؟! .. هذه المبالغة الكاريكاتورية وصور كثيرة مثلها تيرز للمتلقي في هذا النص ، بروزا فجائيا يجتذب البسمة من بين الأفواه . هكذا اعتمد بناء هذا النص شأن كل نص درامي هزلى على عناصر متعارضة مع المنطق ، في لغة شعبية النمط ، في سخريتها وروح الظرف فيها اعتمادا على القفشات والنكات وخفة الظل. وهو كما قلت لون من الكتابة صعب تحتاج إلى كاتب له نفس في الكتابة طويل على طريقة أبي السعود الأبياري ، ساخر ومتهكم الأسلوب من البداية حتى النهاية، وفي ظني أن ضياء طمان له نفس طويل وقدرة قريبة من قدرة الأبياري على وضع القفشات على لسان ممثل قريب الشبه من إسماعيل ياسين:
• ("مصباح: أشوف وشك بخيرر ياصديقي
• أناناس: لا والنبي، بلاش حكاية وشي دي.. كفايه قوي تشوف قفاية، وأدعيلي ماتشفهوش وهو يقمّر عيش( يضحكان)مصباح: أقولك .. أشوف شرابك بخير.")
ولعل ما نبهني إلى غيبة ذلك اللون من التأليف الدرامي والغنائي هي ثلاثة أمور ..
* أولهما: انفراد الفنان سمير غانم في المسرح المصري وربما في المسرح العربي بتقديم ذلك اللون من دراما المساخر ( farce ) فى المسرح المصري والعربي، بعد احتجاب سيد زيان التام عن المسرح والسينما وندرة أعمال محمد نجم، وتوقف كل من يسري الأبيارى وأحمد الأبيارى ( ولي أبي السعود الأبياري) عن إعادة صياغة نصوص أبيهما المسرحية الهزلية التي لا تعتمد على تفجير الضحك من المواقف الدرامية ومفارقاتها. (نحو 300 نص مسرحي فضلا عن سيناريوهات الأفلام السينمائية)
* ثانيها: وقوفي على نص رسالة دكتوراه أحكمها للدكتور (نبيل بهجت) في ٌقرار مطابقة موضوع رسالته للتعيين مدرسا للنقد المسرحي - بقسم المسرح بجامعة حلوان منذ ثلاث سنوات تقريبا – وهي عن مسرح (أبي السعود الأبياري)
* ثالثها: نص مسرحي بعنوان(أنا ناس .. يا هووه) للمؤلف ( ضياء طمان) وهو عضو باتحاد كتاب مصر وكان نائبا لرئيس فرع الاتحاد بالإسكندرية بالانتخاب .
ولعل ما لفت نظري إلى ذلك النص المسرحي الهزلي هو تذييله لعنوان نصه بهذه العبارة : " - مصرحية .. أو مسرحية- كوميديا رمادية - ) مستطردا بعبارة تفلسفية شارحة لمفهوم الكوميديا الرمادية ، يقول: " الكوميديا الرمادية، دراما ساخرة تقدم رؤى ثورية في قالب فانتازي، وكأنها تدرأ المأساة بالملهاة ، تشحذ السكون بالفعل ، تبعث الغضب في البراءة.. الكوميديا الرمادية: حاصل ضرب ( بياض الأمل ء سواد الألم) (النص ،ص3)
• هذه الدراما الهزلية ، ال (farce ): يكشف هذا النص عن تميز في الكتابة الهزلية ، تعيد لذلك اللون من الكتابة إطلالة ضحوك ساخرة من صور التناقض في سلوكيات كانت مقصورة على نماذج للمهمشين في حياة شعبنا المصري في الأربعينيات ، والخمسينيات والستينيات بعد أن غابت عن مسرحنا المصري والعربي انعكاساتها ، برحيل كل من ( أبي السعود الأبياري و جليل البندارى) وتهميش إذاعة مؤلفاتهما الخفيفة والمونولوجية فيما يذاع من مونولوجات لإسماعيل ياسين وشكوكو أو ما يذاع لشادية وغيرهم إلاّ في القليل النادر وفي بعض البرامج الإذاعية التي يحن مقدموها إلى التراث الغنائي ، في زحمة الهجوم الكاسح للغناء المتشابه والمشتبه كلمات ونشاز لا شكل له ولا لون.
هكذا يعيد لنا ضياء طمان الدراما الهزلية التي افتقدناها ، بعد أن أصبح من الندرة بمكان وجود موهبة حقيقية في الكتابة الدرامية الهزلية في المسرح ، وإن كانت موجودة فيما تغرقنا به السينما المصرية من أفلام النجم الهزلي الأوحد الذي يجمع حوله لفيف من الممثلين والممثلات ، بطانة يتلقي إفيهاته ونكاته وقفشاته البذيئة وصفعاته أحيانا.
• من خصائص الكتابة الدرامية الهزلية:
• تعتمد كتابة الهزلية غالبا على كثير من العناصر التي تعتمده كتابة الكوميديا ، ومنها:
• اللغة الافتعالية في لغة الحوار الكلامية ( المسموعة) وفي اللغة غير الكلامية ( المرئية) .
• الانتقال الفجائي غير المبرر في ردود الأفعال ، بما لا يتطابق مع الأفعال ، بهدف خلق موقف كوميدي يستجلب الضحك من أجل الضحك.
• إنسيابية التعبير اللغوي وخفة ظله.
• الإتكاء على القفشات والميل إلى التنكيت
• بداهة الحضور الأدائي في صياغة العبارات بحيث تتيح للمؤدي بعض التصرفات الارتجالية ، بما يتطلبه الموقف في أثناء مواجهة الجمهور.
• الاعتماد على التداعيات اللغوية والتداعيات الحركية والتحريكية أو الحركانية.
• انتقاء شخصيات يشع الظرف من صورتها أو رسمها على ذلك النحو
• الاعتماد على الشخصيات النمطية التي تعادل فكرة أو نموذجا أو وظيفة ، دون اهتمام برسم أبعادها النفسية على وجه الخصوص ، حتى لا تميل إلى الطابع التراجيدي أو التعبيري.
• بناء المواقف على فكرة قلب معني الألفاظ والحركات واللمسات والإشارات إلى المعني النقيض لها بما يؤدي إلى تفجير الضحك
• التلبيس اللغوي قولا أو حركة أو إشارة أو إيماء .
• اللجوء أحيانا إلى خلط الأساليب الفنية
• الاعتماد على التهكم والسخرية ( البرليسك)
• تبادل صور الشخصيات أو قلبها ( تحول صورة الممثل أو الممثلة عن جنسها من ذكر إلى أنثى أو العكس) تبعا لبناء الحدث .
• الميل إلى الإبهار وإضفاء مباهج الحياة حتى في أحلك المواقف وأكثرها بؤسا.
• التعويل غالبا على رسم الشخصيات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا
وقد حفل هذا النص ( أنا ناس .. ياهووه ) بتلك العناصر المشار إليها.
• البنية الدرامية للنص:
• يلخص لنا المشهد الافتتاحي كل العناصر التي أشرت إليها ، فضلا عن إطار العبث باللغة وبمفردات الصورة بما يناقض الصورة الحياتية المنطقية . وهي من حيث المضمون تعكس حياة المهمشين من الموظفين في مصر ، بما يشكل مقاربة مع الصورة الكاريكاتيرية التي ابتدعها في صحفنا المصرية (صلاح جاهين) عن مقهى تنابلة السلطان والصور التي أبدعها كاريكاتيريا كل من أحمد لرجب ومصطفي حسين على الصفحة الأخيرة من جريدة الأخبار:
(" ينفتح الستار على قهوة بلدي مكتوب عليها ( قهوتكو) القهوة خالية تماما من الرواد ... تخرج الممثلة النتي ستقوم بدور ( سعيدة) بزيها العادي. تقرأ على الجمهور الآتي:
" كان طيبا كالقلب، ولما صابوه التقطك أنفاسه والذخيرة، وخرج بنفسه من هناك، ليدخل عليهم ممتطيا نصف حذاء جاره.. خبزه غير طبيعي جدا ورقيق، ولكنه مضطر لاستخدامه دائما بتحفظ مع بعض الأنماط الأخرى من الهم. كان طيبا كالقلب وقد حدث.. وهو يعلم أيضا أنه كذلك شريطة أن يتورع الآخر، ويتقي الله والوطن.. وفجأة تذّرع بالناس ، وبمفرده حل فوازير رجب وشعبان ورمضان وآخرين")
( تخرج الممثلة سعيدة إلى الكواليس ، ويتم فرش المقهى بكراس وترابيزات بواسطة ممثلي رواد المقهى أنفسهم. الجميع يرتدون ملابس بالية بأشكال مختلفة.. ( كمال وكامل) موظفان يجلسان في مكان ظاهر(كامل) يشرب الشاي بصوت عال و( كمال) يدخن الحميّة الشيشة .. كل رواد المقهى بما فيهم كمال وكامل يكلمون أنفسهم بطرائق كوميدية مناسبة .. يدخل الأستاذ أنا ناس صديقهما الموظف أيضا ببدلته البالية التي يرتدي معها كرافته غريبة.. حذاء ( أناناس) فردة بيضاء والأخرى سوداء..")
• ألم أشر إلى لغة التداعيات وإلى نمطية الشخصيات وإلى تقنية القلب اللغوي والحركي ، وإلى عدم الترابط بين مفردات التغبير اللغوي والحركي ، فضلا أسلوب التمثيل داخل التمثيل . ويتضح ذلك في تغييب الضرورة الحياتية ، لإحلال الضرورة الفنية الافتراضية بديلا عنها بظهور ممثلة في مقهى لا رواد فيه لتلقي على الجمهور بيانا يفتقد إلى الترابط المعنوي في لغة بنتفي المنطق في سياقها، فضلا عن الظهور الفجائي للجمهور كرواد لذلك المقهى ، يقومون بإعداد المكان بترتيب المناضد والمقاعد ليتحول الفضاء المكاني إلى فضاء مسرحي يجسد صورة المقهى الشعبي. وبالإضافة إلى ذلك ، اعتماد المؤلف لكشف أصول اللعبة المسرحية ، حيث يتم ترتيب قطع الأثاث المقهوى أمام الجمهور ، بما يكشف عن تعمد خلط الأساليب. والقطع أو الفصل المتعمد بين البيان ( المقدمة أو خطبة العرض) ومقدمة الحدث نفسه. ولغة الحوار السردي على لسات الممثلة في هذه التقديمة تعطي المتلقي انطباعا بعبثية الموقف بغض النظر عن كون المؤلف قد قصد نحا نحو أساليب العبث.
• كذلك عوّل النص على أسلوب التعليقات التهكمية والقفشل\ات ، بما يشف عن ظرف الشخصية ورشاقة تعبيرها الشعبي:
• (" أناناس: (يوشوهما) بيني وبينكو أصل الحكاية متأخره قوي ، وروحي في مناخيري( كمال ينظر في مناخير أناناس)
• كمال: ياخويا أنا مش شابف غير صفين لولي . ياراجل روّق كده ووحد اللاه.
• أناناس: لا إله إلاّ الله.
• كامل: بكره تتعدل.. وح فكرك ..( يهرش في قفاه) مش بكره بالظبط يعني.. في يوم من الأيام.. في سنىة من السنين.. آه ح افكرك.. وإن نسيت ابقى فكرني إنت.. دا لو افتكرت افتكر أقولك .. ابقى فكرني أفكرك ( يضحك ثلاثتهم") (ص10 ) .
• تعتمد البنية الميلودرامية في هذا النص على الانتقالات الفجائية أيضا حيث يتحول رب الأسرة الفقيرة( أناناس) من متصكع على المقاهي بلا عمل ولا قدرة على تحصيل قوت يومه وسد حاجة أسرته إلى لص ، كأولئك اللصوص الذين يقتحمون البنوك على طريقة العصابات التي نشاهدها في الأفلام االبوليسية الأمريكية ، غير أنه يقتحم طابور الحصول على الخبز أمام فرن بلدي وهنو مايكشف عن التصوير المبالغ فيه يلبس أناناس الشراب في رأسه بعد تردد ثم يدخل على مصباح واضعا يده في جيب الجاكته كأنها مسدس)
• مصباح( بسخرية) ياأمه .. الله الله الله .. أنت مين ؟
• أناناس: أنا ( مشيرا لنفسه)؟!
• مصباح: أيوه أنت
• أناناس: ( متلعثما) أنا .. أما مش .. أنا مش أنا .. أنا واحد تاني غيري ( بحزم) ياختصار أنا القشاط .. أنا المنشار.. أنا القضا المستعجل") (ص20) هل يتصور عاقل أن رجلا فنانا عاطلا عن العمل يضطره احتياجه إلى بعض أرغفة من الخبز إلى اقتحام فرن بلدي على طريقة لصوص البنوك في العصابات الأمريكية ؟! .. هذه المبالغة الكاريكاتورية وصور كثيرة مثلها تيرز للمتلقي في هذا النص ، بروزا فجائيا يجتذب البسمة من بين الأفواه . هكذا اعتمد بناء هذا النص شأن كل نص درامي هزلى على عناصر متعارضة مع المنطق ، في لغة شعبية النمط ، في سخريتها وروح الظرف فيها اعتمادا على القفشات والنكات وخفة الظل. وهو كما قلت لون من الكتابة صعب تحتاج إلى كاتب له نفس في الكتابة طويل على طريقة أبي السعود الأبياري ، ساخر ومتهكم الأسلوب من البداية حتى النهاية، وفي ظني أن ضياء طمان له نفس طويل وقدرة قريبة من قدرة الأبياري على وضع القفشات على لسان ممثل قريب الشبه من إسماعيل ياسين:
• ("مصباح: أشوف وشك بخيرر ياصديقي
• أناناس: لا والنبي، بلاش حكاية وشي دي.. كفايه قوي تشوف قفاية، وأدعيلي ماتشفهوش وهو يقمّر عيش( يضحكان)مصباح: أقولك .. أشوف شرابك بخير.")
الخميس مايو 26, 2011 2:12 am من طرف الكينج
» عزاء واجب
الخميس مايو 26, 2011 2:10 am من طرف الكينج
» * تستعد فرقه المسرحجيه لعرض مسرحيه طريق الخلاص اعداد واخراج عادل جمعه *
الأحد أبريل 03, 2011 12:47 am من طرف الكينج
» المخرج عادل جمعه
السبت أبريل 02, 2011 3:23 am من طرف الكينج
» لحظات فى عيون شهداء 25 يناير بقلم / حسين محمود
الأحد مارس 06, 2011 1:06 am من طرف الكينج
» سجين نفسى (( اهداء للصحافة الاعلام المصرى ))
الأحد مارس 06, 2011 1:04 am من طرف الكينج
» يوم الثورة
الأحد مارس 06, 2011 1:01 am من طرف الكينج
» .. الخلطة السرية للوصل الى الديمقراطية
الأحد مارس 06, 2011 12:59 am من طرف الكينج
» النقد المسرحى و مسرح الهواة
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:57 pm من طرف الكينج
» «مملكة النمل».. يكشف القضية الفلسطينية
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:50 pm من طرف الكينج
» مسرح الهواة.. الاستراتيجية والمنهج
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:47 pm من طرف الكينج
» الشافعي يعيد "جمال عبد الناصر" مع "عشاق النيل"!
الأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:42 pm من طرف الكينج
» حاليا على مسرح قصر ثقافة السلام
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 12:14 am من طرف الكينج
» حصرياً - فيلم الكوميديا الرائع ( سمير وشهير وبهير ) نسخه جديده ts.hq أفضل وضوح - بحجم 200 ميجا - وعلى أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 4:04 pm من طرف الكينج
» بإنفراد تام أسطورة الكوميديا عادل إمام فى فيلم العيد وقبل العيد زهايمير بجودة خرافية وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:57 pm من طرف الكينج
» بإنفراد : نجم الكوميديا الأول أحمد حلمى و فيلم العيد الرهيب بلبل حيران . بجودة High CAM وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر .
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:54 pm من طرف الكينج
» حصريا .. أحدث ألعاب كرة القدم والتاكتيك . Fifa Manager 2011 بمساحة 2.4 جيجا فقط على أكثر من سيرفر
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:49 pm من طرف الكينج
» لعبة المتعة والاثارة .. Creatures Exodus نسخة فل ريب بمساحة 170 ميج فقط ..
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:46 pm من طرف الكينج
» لعبة الاكشن والمغامرات الرائعة :: Alien Breed 3 Descent Repack :: مضغوطة بحجم 353 ميجا فقط
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 3:42 pm من طرف الكينج
» مسرح الهواة
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 12:59 am من طرف الكينج